محمد بهضوض: دردشة رمضانية (3/ 30)

الفكر (3/3)
***
الخطاب

اذا صح أن التفكير خاصية للإنسان والمعرفة وسيلته وموضوعه، فما غاية هذا التفكير/المعرفة، في النهاية؟ هل لتحقيق "سلطة"، أم للتعبير عن "حقيقة"، أم بقصد اللذة والمتعة فحسب، أم ماذا؟.

نحن هنا إزاء مفاهيم متعددة (المعرفة، الخطاب، السلطة، الحقيقة...) تشي عموما بأننا أمام ما أسماه م.فوكو "بنظام للخطاب"، تتشابك فيه هذه المفاهيم وتتفاعل لتنتج مجموعة من الدلالات، غاية في الخصوبة.

من يؤمن، بإن "الخطاب سلطة"، يرى أن ليس هناك خطابا عفويا، وان كل خطاب ( فلسفي، ديني، سياسي، اقتصاديا، اجتماعية، ثقافي) إنما تحكمه مرجعيات وغايات، هدفها فرض سلطته على الآخرين.

يحدث هذا عادة عبر آليتين للرقابة على الخطاب: آليات خارجية تتجسد في المنع والإبعاد والتصنيف، وآليات داخلية تجدها النصوص المؤسسة ومبادئ التعليق ودور المؤلف والفروض العلمية أو المنهجية، الخ.

ما يفيد، أننا بذلك إزاء "نظام للحقيقة". وهو النظام الذي يسعى من خلاله، كل خطاب إلى فرض حقيقته (رسالته، مذهبه، موقفه، رأيه...) على الاخرين بصفة مباشرة أو غير مباشرة، بالقوة الصلبة او الناعمة.

لكن، السؤال هنا هو: هل علينا أن نعتبر أن وراء كل خطاب غرضا نفعيا أو مؤامرة شيطانية، بالضرورة؟ لا أظن، على اعتبار ان التواصل من خاصية الانسان، ولا تواصل دون تأثير وتأثر.

والأهم، أن حياتنا البشرية مازالت، لحسن الحظ، تعج بقطاعات تقع خارج دائرة المنفعة (الأسرة، الصداقة، الجمعيات، التطوع...) كما لا زالت هناك خطب غير نفعية، مثل خطابات الثقافة والفنون وغيرها (..).

وخلاصته، نعم لنقد خطاب الهيمنة، لكن لا للشك المنهجي في كل شيء