تحليل

قبل أن نشتري سكناً مشتركاً!

يوسف معضور

ارتبط ظهور السكن المشترك بأسباب اقتصادية – اجتماعية عرفها تطور المجتمع وأيضا من خلال التحول الذي شهدته منظومة الأسرة. وجاء بروز هذا النوع من السكن العمودي كحلٍ يلجأ إليه أفراد الطبقة المتوسطة من أجل امتلاك سكن لائق.

لكن قبل التفكير في الأمر وجب قيام كل المقبلين على شراء سكن مشترك بقراءة متأنية لقانون نظام الملكية المشتركة الذي يتضمن مجموعة من المواد والفصول المنظمة؛ وذلك من أجل معرفة كافة الواجبات والحقوق تفاديا لحدوث العديد من المشاكل المرتبطة بسوء تدبير فضاء مشترك، يؤسس لحياة جماعية وتُستعمل فيه كل المرافق المشتركة من الممرات والمصاعد والسلالم والمرائب والسطح بشكل متساو مقابل أداء المستحقات المتفق عليها، بشكل شهري أو سنوي وفق قانون داخلي مسطر.

هذا الفضاء الجماعي يُعتبر بمثابة مجتمع مُصغر يجمع “بروفيلات” مختلفة لساكنة قد تكون متقاربة على المستوى الاجتماعي، لكن تختلف عاداتها وحمولاتها الثقافية وأنماط سلوكها، ما ينتج عن هذا الاختلاف دينامية وتفاعلات نفسية اجتماعية داخل بناية واحدة تضم العديد من المرافق، وجب حسن تدبيرها وتسييرها وتشجيع المبادرات والأفكار التي تُساهم في نشر ثقافة الجمال ومحاربة كل مظاهر القبح داخلها.

لا بد من الاستيعاب الجيد لشروط السكن المشترك ومعرفة أن نمطا جديدا للعيش سيتم تقاسمه مع الآخرين يفرض على الشخص التخلص من كل العادات والسلوكيات التي كان يُمارسها من قبل في إطار نظام سكن فردي أو شبه فردي، كان يتيح له إمكانية القيام بالعديد من الأمور بكل أريحية، والتخلي عن النزعة الفردانية المتمثلة في استغلال الفضاء العام على حساب المصلحة الخاصة أو الاعتناء بالفضاء الخاص له على حساب الفضاء المشترك كتغيير معالمه وتشويهها.

كما وجب استحضار ثقافة التضامن بين الساكنة مع الحفاظ على الخصوصيات وعدم التدخل في شؤون الآخرين وتقييد حريتهم الشخصية وممارسة الوصاية الأخلاقية عليهم، باستثناء إذا كان الأمر يشكل مساسا بأمن وراحة الساكنة ككل.