رأي

محمود التكني: انتخابات 8 شتنبر والدرس القاسي

لا يختلف اثنان في أن انتخابات الثامن من شتنبر 2021،  كانت حدثا تاريخا بالنسبة للمغرب والمغاربة قاطبة، لقد كانت هذه المحطة فريدة من نوعها في جمعها بين الانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية في سابقة اجتاز فيها المغرب امتحانا ديموقراطيا بامتياز نظرا لظروف الجائحة العالمية التي قلبت الامور رأسا على عقب حيث عرف الاقتصاد العالمي ركودا لا مثيل له شلت معه الحركات التجارية في جميع أنحاء العالم.

 ورغم تكلفة العملية الانتخابية فقد استطاع المغرب ان ينظمها في وقتها رغم دعوات التأجيل، وقد تميزت هذه المحطة بحملات انتخابية حضارية في احترام تام للتدابير الاحترازية و لاحظنا وقوف السلطة على الحياد في تطبيق القانون وما تدخل باشا مدينة مراكش لإيقاف نشاط حزبي للسيد اخنوش و كذا تدخل رجل سلطة لإيقاف خرق رئيس الحكومة السابق إلا دليلا قاطعا على سمو القانون فوق كل الاعتبارات.

لقد اتسمت هذه الانتخابات بالشفافية والنزاهة وحسن التنظيم وظلت بعيدة عن التجمعات الغوغائية والولائم التي دأبت عليها الأحزاب السياسية لشراء ذمم الناخبين، أضف إلى ذلك شهادة هيئات الملاحظين الدوليين والوطنيين المعتمدين من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهيئات المجتمع المدني وتنويه المجتمع الدولي، وهذا ما عكسته النتائج حيث تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار المشهد السياسي متبوع بحزبين اخرين.

والذي لا يمكن فهمه هو أن يطل علينا حزب الحكومتين السابقتين ببيان مغرض يشكك في نزاهة الانتخابات ويتهم الدولة بالتقصير والانحياز، فهذا ابتعاد عن الصواب و تعليق لفشله على شماعة الدولة، فبدل ان يقر بهزيمته النكراء التي افرزتها صناديق الاقتراع في تصويت عقابي من طرف جميع المغاربة لازدواجية مواقفه و الإخلال بالالتزامات والوعود التي استدرج بها الناخبين ليجدوا أنفسهم أمام اختيارات حكومية انهكت كاهل جميع المواطنين وأرهقت قدرتهم الشرائية في ظل كل الممارسات الفاسدة التي وعدوا بمحاربتها، و لم يجدوا إلى ذلك سبيلا ليركنوا إلى خطاب المظلومية و اتهام التماسيح.

لقد كانت هذه النتيجة إفرازا طبيعيا لمقدمات وممارسات تذمر الشعب من سياسة الحكومة السابقة اللاشعبية التي قزمت القاعدة الناخبة لهذا الحزب الذي ظل يتبجح بصلابتها و تماسكها، إلا أن هذه القاعدة تبخرت مع ظروف الجائحة التي ضيقت هامش الهبات التي كانت تقدم إليها تحت ذريعة و طائلة تقوية قدرات المجتمع المدني ومحاربة الهشاشة بالإحسان العمومي.

وغير بعيد عن هذه الاستحقاقات التي أطفأت نور المصباح، لا زلنا نذكر الجعجعة التي أثيرت حول القاسم الانتخابي و الذي اعتبر مناورة من التماسيح لتقليص حظوظ هذا الحزب الذي يراهن على اكتساح قبة البرلمان، في حين أن واقع النتائج يؤكد أن هذا الحزب ما كان ليتجاوز الفوز بأربعة مقاعد برلمانية لولا القاسم الانتخابي، ليصل إلى ثلاثة عشر مقعدا بسخاء هذا القاسم الذي اجتهدوا بالأمس لإبطاله.

فاللهم لا شماتة، وليعتبر من عميت بصيرته عن سواء السبيل. .