سياسة واقتصاد

العثماني يبرز في جنيف التعامل الايجابي للمغرب مع النظام المعياري الدولي في مجال العمل

كفى بريس: و م ع

أبرز رئيس الحكومة سعد الدين العثماني الاثنين بجنيف خلال الدورة ال108 لمنظمة العمل الدولية، التعامل الإيجابي للمغرب مع المنظومة المعيارية في مجال العمل.

   وقال العثماني الذي كان يتحدث خلال الشق الرفيع المستوى لهذه الدورة التي تتزامن مع تخليد الذكرى المئوية لاحداث منظمة العمل الدولية، "إننا في المملكة المغربية وانطلاقا من مرجعيتنا الدستورية، نعتمد اختيارا واضحا يتمثل في التعامل الإيجابي مع المنظومة المعيارية في مجال العمل والتي أنتجتها هذه المنظمة من خلال خبرتها وتاريخها النضالي الطويل".

     وأكد انخراط المغرب الجدي والإرادي في برامج المنظمة وتنفيذ اتفاقياتها وقراراتها، والتعاون وتبادل الخبرات والتجارب مع الدول الأعضاء لما فيه الصالح العام، إيمانا منه بأهمية المنظمات متعددة الأطراف ودورها في معالجة قضايا عالمية تمس شرائح واسعة من المواطنات والمواطنين.

   وأشار في هذا الصدد إلى أن المغرب قام مؤخرا بمباشرة إيداع وثائق التصديق على ثلاث اتفاقيات عمل دولية هامة ويتعلق الأمر، بـ "اتفاقية العمل الدولية رقم 187 بشأن الإطار الترويجي للسلامة والصحة المهنيتين 2006، و"اتفاقية العمل الدولية رقم 97" بشأن العمال المهاجرين، و"اتفاقية العمل الدولية رقم 102" بشأن الضمان الاجتماعي.

  وأضاف أن كل ذلك "يأتي انسجاما مع انخراط المغرب في مواصلة البناء الديمقراطي والتزامه بتعزيز منظومة حقوق الإنسان، حيث انطلق منذ سنوات عديدة، بثبات في مسار توسيع فضاء الحريات الأساسية، وتكريس واحترام حقوق الإنسان والنهوض بها، والتفاعل باستمرار وبإيجابية مع الآليات الأممية لحقوق الإنسان.

  وتابع أنه "انسجاما مع اختيارات المغرب في إطار السياسة الجديدة للهجرة التي أطلقها الملك محمد السادس، ومع الميثاق العالمي للهجرة الذي تم توقيعه في مراكش، بادر المغرب الى إيداع وثائق التصديق على الاتفاقية الدولية رقم 97 بشأن العمال المهاجرين، وهو ما ينسجم مع سياسة المغرب في مجال الهجرة واللجوء، المبنية على مقاربة إنسانية ومسؤولة تهدف إلى التسوية القانونية لوضعية المهاجرين واللاجئين، وضمان حقوقهم، وتحسين اندماجهم داخل المجتمع المغربي، انسجاما مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي التزم بها المغرب".

  وأبرز رئيس الحكومة أن إيداع المغرب لوثائق التصديق على الاتفاقية 102 حول الضمان الاجتماعي يأتي في سياق ينسجم مع سعيها إلى بناء منظومة حماية اجتماعية شاملة.

  وأضاف أن المملكة واصلت تفعيل التدابير الهادفة إلى تعميم وتوسيع قاعدة المستفيدين من نظام الحماية الاجتماعية، خاصة من خلال توسيع الاستفادة من نظام المساعدة الطبية "راميد"، وإحداث نظام التغطية الصحية الخاص بالطلبة، وإحداث نظام للتأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، مع إقرار معاش عن التقاعد لهذه الفئات. وقد سجلت التغطية الصحية بالمغرب تحسنا كبيرا. إذ انتقلت من 16 في المائة فقط من المغاربة (حوالي 5 مليون نسمة) سنة 2005 لتصل اليوم إلى حوالي 60 في المائة.

   كما شرعت الحكومة المغربية، يضيف العثماني، في تطوير حكامة ومردودية منظومة الحماية والدعم الاجتماعيين   من خلال إرساء التقائية وتكامل السياسات الاجتماعية العمومية، والعمل على وضع نظام لرصد الفئات الفقيرة والهشة بإرساء "سجل اجتماعي موحد" على الصعيد الوطني، وتحسين شروط برنامج دعم الأرامل وصندوق التكافل العائلي.

  وأكد أن "إيداع وثائق التصديق على الاتفاقية 187 حول الإطار الترويجي للصحة والسلامة ينسجم مع قناعتنا بأن من أهم مستلزمات العمل اللائق توفير مقومات الصحة والسلامة المهنية وهو ما انعكس في العمل الذي قمنا به مع الشركاء الاجتماعيين في إطار لجنة للصحة والسلامة ثلاثية التركيب من أجل بلورة سياسة وطنية حول الصحة والسلامة، كما جاء ذلك متزامنا مع استعداد المغرب لاحتضان المؤتمر الدولي للصحة والسلامة بمراكش سنة 2024".

وقال رئيس الحكومة الى أنه بالإضافة إلى مجالات الاتفاقيات الثلاثة سالفة الذكر، فإن المملكة حققت تقدما مطردا في سبيل عدم تشغيل الأطفال، والعمل على التمكين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للنساء، وتحقيق مساواتهن مع الرجال في سوق الشغل، وتجريم العنف ضد النساء، بما في ذلك في فضاءات العمل، والعمل على حفظ كرامة وسلامة العمال المنزليين.

   وأشار الى أن التشغيل يكتسي أهمية قصوى، تقتضي تعبئة جماعية شاملة تضع رهان التشغيل على رأس الأولويات الوطنية، على المستويين الوطني والمحلي، وتجعله في صلب كافة السياسات والاستراتيجيات، وتعمل على تحفيز الاستثمار في المجالات التقليدية من صناعة وفلاحة وخدمات، وأيضا في الاقتصاد الاجتماعي والمهن الجديدة.

 كما يستدعي هذا الورش، حسب العثماني، توفير الدعم اللازم للشباب من أجل تنفيذ مشاريعهم في إطار مقاولات صغرى، أو في إطار التشغيل الذاتي، واعتماد سياسات متجددة لتشجيع المقاولات على تأهيل وتدريب وتشغيل الشباب.  والقيام بمراجعة شاملة لآليات وبرامج الدعم العمومي لتشغيل الشباب، للرفع من نجاعتها وجعلها تستجيب لتطلعاتهم، وإعطاء الأولوية في مجال التعليم والتكوين للتخصصات التي توفر الشغل، مع اعتماد نظام ناجع للتوجيه المبكر، وإعادة النظر بشكل شامل في تخصصات التكوين المهني لجعلها تستجيب لحاجيات سوق الشغل وتواكب التحولات التي تعرفها الصناعات والمهن، وتشرك المهنيين في التكوين، بما يتيح للخريجين فرصا أكبر للاندماج المهني.

  وسجل المتحدث أن السياسة الاجتماعية بالمغرب، تتمتع بإجماع وطني، وبقيادة فعلية للملك محمد السادس  لهذا الورش الوطني بالمملكة المغربية، مشيرا في هذا المجال على وجه الخصوص للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وإشرافه على بلورة منظومة طموحة ومبتكرة للتكوين المهني، بإنشاء مدن جهوية للمهن والكفاءات بمشاركة الفاعلين الاقتصاديين.

   وبفضل هذه السياسات والإنجازات المتراكمة استطاع المغرب، حسب رئيس الحكومة، جلب استثمارات صناعية عالمية، خاصة منها صناعة السيارات والطائرات، مما أسهم في إحداث عدد مهم من مناصب الشغل، بالموازاة مع تطوير إنتاج الطاقات المتجددة، الذي يجسد رؤية المملكة للتنمية المستدامة ويكرس انخراطها الفعلي في المجهودات الدولية لمكافحة التغيرات المناخية، ويشكل في نفس الوقت خزانا لفرص تشغيل جديد، أخضر، صديق للبيئة ومستدام.

   وعلى صعيد اخر، لفت الى أنه في إطار المقاربة الثلاثية التي تميز منظمة العمل الدولية، وإيمانا بضرورة العمل الجماعي بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، فقد أولت الحكومة المغربية عناية خاصة للحوار الاجتماعي، وهو ما أسفر بفضل تظافر جهود الأطراف الثلاثة إلى التوقيع على اتفاق اجتماعي يوم 25 أبريل الماضي يمتد على ثلاث سنوات (2019-2021).

    واغتنم رئيس الحكومة هذا "العرس العمالي العالمي لاستحضار معاناة الشعب الفلسطيني، وخاصة العمال الفلسطينيين، في مواجهة الحصار المفروض عليهم من طرف الاحتلال الإسرائيلي، إذ يصادر حقهم في العيش الكريم وفي ممارسة كافة حقوقهم على ترابهم الوطني، الشيء الذي يفرض علينا جميعا، التنديد بمصادرة الحقوق المالية للعمال الفلسطينيين، ودعم الشعب الفلسطيني ومؤازرته لإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".

   ويبحث المؤتمر الذي يقام تحت شعار "بناء مستقبل مع عمل لائق" ويشارك فيه العديد من رؤساء الدول والحكومات و5700 مندوب حكومي ورب عمل ومستخدم من 187 دولة عضو في منظمة العمل الدولية،على مدى 12 يوما، التحولات العميقة التي يشهدها عالم العمل ، والعدالة الاجتماعية فضلاً عن العنف والتحرش في مكان العمل وإعلان الذكرى المئوية.