على باب الله

الخيمة بلا غدار خاوية

المصطفى كنيت

غدر حزب العدالة التنمية، حلفاءه في الأغلبية، بل حتى فرق المعارضة، التي اختارت التصويت على المادة 9 من مشروع قانون المالية.

فقد استل الإخوان، في الغرفة الثانية، سيفهم من غمده وطعنوا الجميع، لا يهم في الصدر أم في الظهر، لأن غرضهم كان هو غسل أياديهم من "إثم" هذه المادة، و التي تحملت ثقل جريرتها باقي الأحزاب، لتظهر أيادي الحزب " بيضاء ناصعة".

يقول المثل الشعبي: "الخيمة بلا غدار خاوية"، وفي هذه الحالة، فإن كبير الأحزاب، الذي يقود الحكومة، هو الذي مارس الغدر.

وليس لدى حزب صوّت مع المادة في الغرفة الأولى وانقلب عليها في الغرفة الثانية، ما يقوله أو يبرر به هذا السلوك الانتهازي النشاز.

و لقد مهّدت خرجة وزير الدولة في حقوق الإنسان، المكلف بالعلاقات مع البرلمان، مصطفى الرميد، لهذا التحوّل المفاجئ، بعد أن انسل باقي وزراء الحزب، وخبئوا رؤوسهم في جحورهم، و انقطع "حس" سعد الدين العثماني تماما، الذي ينطق عليه المثل الشعبي: "مزبلها وساكت عليها".

وحده بنشهبون  ظل يجتهد لإقناع أعضاء الغرفة الثانية من البرلمان، لضمان مرور المادة 9 من مشروع القانون المالي، بعد أن وفّر لها إجماع الإخوان والرفاق والمناضلين بالغرفة الأولى... غير أن الرميد، اختار أن يعيدها، جرا، إلى مجلس الحكومة، الذي خرجت منه أمام أعين كل الوزراء، من دون أن ينبس أحدهم ببنت شفة.

الرميد يريد أن يرجع المادة 9 إلى "بيت الطاعة" الحكومي كأنها "سيدة" غادرت بيت الزوجية...

و يبحث عن الشهود، ويريد أن يقيم الحجج، ويقسم بأغلظ الأيمان أنها عليه كظهر أمه...

لقد استفاق سي مصطفى، على حين غرة، وطارت الغشاوة من على عينيه، فأصبح يرى ما لا يراه باقي زملاؤه في الحكومة، تماما كالسامري، فأرغى وأزبد في مجلسها الأخير، معلنا تمرده على مادة حازت تصويت الحكومة ومصادقة المجلس الوزاري ومجلس النواب.

سي الرميد يريد أن يسجل نقطة، وأن ينفرد على كل زملائه في الحزب، بما فيهم العثماني نفسه، لقد استعاد لياقته البدنية، مع قرب الاستحقاقات الانتخابية، وهو  لا يستحمل أن يرى شعبية حزبه تتآكل ... أن يصبح السكين الذي "ذبحوا" به الناخبين مجرد نصل، لا يقطع العنق من الوريد إلى الوريد... لذلك لا بأس من البحث عما يشحذ عليه النصل الذي تبقى في اليد، و أن يلقي بالمسؤولية كلها على وزير تقنوقراطي، مخافة أن يغضب الحلفاء في الأغلبية: عزيز أخنوش، وامحند العنصر، وإدريس لشكر، و محمد ساجد، لأن وزير الداخلية، عبد الوافي الفتيت لا ينتمي لأي حزب من أحزاب هؤلاء، وأن يستجلب تعاطف المحامين، والمقاولين، والمواطنين، بإعلان رفض المادة 9.

هكذا إذن يواصل حزب العدالة والتنمية اللعبة... أرجل في الأغلبية ورجل في المعارضة، وهو مستعد، في أية لحظة، لفك وثاق أحد وزرائه، من كل التزامات الأغلبية السياسية والأخلاقية ليقوم بهذا الدور..

الرميد  يعتقد أنه سيحفظ، بهذا العناد، ما تبقى من ماء وجه حزب فشل طيلة 8 سنوات في تحقيق وعوده الانتخابية، ويحاول أن يقنع الكتلة الناخبة بأسطوانات تجد دائما من يحلو له سماعها، وترديدها، وإقناع نفسه به.

المادة 9 بغض النظر على ما تحمله من نكوص "ديمقراطي"، فإنها لا تصلح أن تكون حصان طروادة، يركب عليه العدالة والتنمية لتجديد شبابه "النضالي"، لاستدرار دموع و  "تعاطف" الإخوان استعدادا لانتخابات 2021.