محمد بهضوض: دردشة رمضانية (30/2)

الفكر (3/2)

***

المعرفة

المعرفة هي غاية التفكير. فنحن نفكر كي نعرف، أي ندرك  ذواتنا  وما يحيط بنا من شؤون الحياة والكون. وذلك كي نعطيها معنى ونتلمس طريقنا في دروبها. ومصادر المعرفة هي، بهذا المعنى، أنواع  أبرزها: 

* المصدر العقلي،  وهو الذي توجد على رأسه الفلسفة، وما تفرع عنها من علوم انسانية و طبيعية وفيزياءية ...، وكل  ما يدرك عموما عن طريق العقل والاستدلال المنطقي.

*المصدر الحسي، وهو الذي يتحكم فيه الشعور، وما يرتبط به  من مجالات مثل الميتافيزيقا والدين والروحانيات والفن والجماليات، وكل ما يدرك عموما عن طريق الفطرة أو القلب أو الكشف أو العرفان.

* المصدر العملي،  وهو الذي تمثله التجربة، وما يتفرع عنها من مجالات مثل:  "المعرفة العملية" والمنفعة والبراغماتية والواقع...، وما يدرك عموما عن طريق النقل والتقليد أو التكوين  أو الممارسة الفعلية.

 وهذه مصادر ليست منعزلة، بطبعها. فهي غالبا ما  تتداخل أو تتفاعل مع بعضها البعض، بهذه النسبة أو تلك. اذ كما لا يخلو علم من خيال،  لا يخلو فن من عقل، او التجربة من عقل وحس...، وهكذا.

والمسالة ترتبط في النهاية  بالأولويات.  فالأولية في الفن تعطى للحس لا للعقل، وفي العلم للعقل لا للحس،  وفي الدين للإيمان لا للعقل، وفي العمل للممارسة لا للتنظير (...). والمشكلة تبدأ عموما في الخلط او التطرف.

  وهو ما يحدث حين يريد المرء  أن يصل إلى الدين أو الفن عبر العقل فحسب، أو إلى العلم عبر  الخرافة فحسب، أو إلى الممارسة عبر التنظير فحسب. ما تفشل معه المعرفة، العقلية والحسية والعملية، في أداء مهامها.

 هذا إذا لم تتحول إلى  نقيضها، أي إلى الظلامية بدل التنوير.