فن وإعلام

الحماية الإجتماعية لمهنيي الفنون... ورشة دولية بالرباط تناقش الاهداف و الإشكالات

كفى بريس

بشراكة مع وزارة الثقافة والاتصال – قطاع الثقافة، والفيدرالية الدولية للممثلين، تنظم النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية ورشة دولية حول الحماية الاجتماعية لمهنيي الفنون في 24و 25 و26 من أبريل الجاري بالرباط.

وتندرج هذه الورشة في إطار اتفاقية التوأمة بين النقابة الفرنسية لفناني الأداء والنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية - العضو في اللجنة التنفيذية للفيدرالية الدولية للممثلين، ومنسقة المجموعة الإفريقية داخلها، وضمن برنامج التنمية النقابية في المجال الفني الذي ترعاه هذه الفيدرالية.

هذا، وسيشارك في هذه الورشة خبراء مغاربة وأجانب من المؤسسات الحكومية المعنية ومؤسسات الحماية الاجتماعية المعنية إضافة إلى المنظمات الفنية المهنية المغربية الشريكة.

وتهدف الورشة إلى تبادل الخبرات بين الخبراء المغاربة والأجانب والمسؤولين النقابيين في المجال الفني والخروج بسيناريوهات تخص تنزيل مقتضيات المادة 20 من قانون الفنان والمهن الفنية لاسيما بعد إصدار القانون رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، والقانون رقم 99.15 المتعلق بإحداث نظام للمعاشات لفائدة فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا.

كما ستناقش الورشة خصوصيات وآليات الحماية الاجتماعية لمهنيي الفنون والمهن المشابهة المتميزة بعدم انتظام الدخل، وسبل تنزيل أنظمتها سواء فيما يتعلق بالحماية الاجتماعية الأساسية أو التكميلية، والخروج بتوصيات ترفع للسلطات الحكومية المعنية.

كما تسعى النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، من خلال تنظيم هذه الورشة، إلى المساهمة في النقاش العمومي حول تعميم الحماية الاجتماعية لأجراء العقود محددة المدة والمهن المستقلة، آملة أن تكون مخرجات الورشة مفيدة لشرائح واسعة في المجال الفني والمجالات الشبيهة.

وفي ما يلي ورقة عمل الورشة المعدة من قبل النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية 

*ورقة عمل الورشة.. أهداف وإشكالات

في إطار الشراكة مع وزارة الثقافة والاتصال واتفاقية التوأمة بين النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية والنقابة الفرنسية لفناني الأداء ، وفي إطار أنشطة الفيدرالية الدولية للممثلين في مجال تعزيز القدرات النقابية، وتماشيا مع الورش الكبير المفتوح من أجل تعميم الحماية الاجتماعية لعموم المواطنين المغاربة، نقترح هذه المبادرة التي نتوخى منها هدفين:

الهدف الأول: تبادل الخبرات بين المهنيين والخبراء المغاربة والأجانب في مجال الحماية الاجتماعية للأجراء بعقود محددة المدة  والمهنيين المستقلين بصفة عامة ومهنيي الفنون بصفة خاصة؛

الهدف الثاني: دراسة وضعية مهنيي الفنون في إطار الأوراش القانونية والتنظيمية المفتوحة في بلادنا قصد الخروج بتوصيات وخلاصات تقنية قابلة للتحقق وفق خصوصية المجال.

وفي هذا الصدد، لابد من التذكير أنه منذ صدور توصية اليونسكو حول وضعية الفنان ببلغراد سنة 1980، شكلت مسألة الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية للفنانين معضلة كبرى لدى المنظمات الدولية والوطنية والحكومات مما استوجب التفكير في إيجاد الحلول الكفيلة لحماية الفنانين في ظل تصاعد طريقة العمل وفق عقود محددة المدة في القطاع الفني وتناقص العمل الدائم. ورغم المساهمات المهمة للفنانين في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بينت العديد من الدراسات المماثلة، أن المجال الفني مجال للمخاطرة الاقتصادية والاجتماعية مما يتطلب مقاربة اجتماعية خاصة بهذه الفئة وفق طبيعة مهنها غير النظامية atypiques .

على المستوى الوطني عملت الدولة، ولاسيما السلطتان الحكوميتان المكلفتان بالاتصال والثقافة، على تشجيع الإبداع الفني عموما، ويتجلى ذلك في ارتفاع حجم الدعم المخصص لإنتاج الأعمال الفنية، وتزايد الاستثمار العمومي في المجال، كما يتجلى في الجهود الموازية التي تمس جانبي التشريع والتنظيم زيادة على دعم التعاضدية الوطنية للفنانين.

غير أنه، وبرغم هذه المجهودات والاستثمارات، عرفت المسارات المهنية للفنانين، ولاسيما المتقدمين في السن والرواد تفاقم هشاشة وضعياتهم الاجتماعية برغم وضعيتهم الاعتبارية المتميزة، مما دفع بالحكومة الممثلة في وزارتي الاتصال والثقافة إلى فتح العديد من الأوراش التشريعية والتنظيمية المرتبطة بقانون الفنان، وبالسينما والقطاع السمعي البصري وحقوق المؤلف والحقوق المجاورة والمسرح والموسيقى والتشكيل وغيرها، قصد الرفع الكمي والكيفي للمنتوج الفني الوطني، وفي نفس الوقت، قصد تحسين الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للفنانين والبحث عن السبل الكفيلة بتطويرها وتعزيزها على المستويين التشريعي والتنظيمي.

كما أن خبرة الهيئات المهنية المعنية بالموضوع، ومنها النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية- العضو في الفيدرالية الدولية للممثلين، أسهمت بشكل ملموس في إثراء النقاش حول الموضوع في إطار اتفاقية الشراكة التي تربطها مع وزارة الثقافة والاتصال ومع منظمات مهنية مماثلة في بلدان أخرى داخل الفيدرالية، خاصة عبر سلسلة الورشات العملية التي نظمت في إطار اتفاقية التوأمة مع النقابة الفرنسية لفناني الأداء وبرعاية من الفيدرالية الدولية للممثلين في موضوع: العلاقات الشغلية لفناني الأداء في السينما والسمعي البصري سنوات 2013-2014- 2015.

واستنادا لنتائج هذه الورشات والعديد من الدراسات والأبحاث المماثلة في بلدان أخرى، وملاحظات المنظمات المهنية العاملة في المجال، تبين ما يلي:

-الحاجة إلى تطوير المنظومة القانونية والتنظيمية للمجال الفني عبر سن نصوص ومقتضيات تهدف إلى ضمان قدر من التكافؤ بين المقاولة الفنية والفنان أثناء توقيع العقد، مع ما يترتب عن ذلك من حقوق وواجبات بما فيها الحقوق الاجتماعية  للمهنيين؛

-الحاجة إلى تطوير منظومة حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، ولاسيما ما يتعلق بتنزيل شق الحقوق المجاورة، وعبر إصلاح المكتب المغربي لحقوق المؤلفين وتطوير أدائه؛

-ضرورة ابتكار ووضع أنظمة للرعاية الاجتماعية منسجمة وطبيعة هذه الفئة من المهن وخصوصياتها وإكراهاتها.

وأمام هذا الوضع، ساهمت النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية رفقة العديد من المنظمات الفنية المهنية الحليفة في الإعداد والترافع من أجل حماية الفنانين وباقي الفئات المهنية المرتبطة بالقطاع الشيء الذي أدى إلى مراجعة قانون الفنان والمهن الفنية سنة 2016 والذي ينص في مادته العشرين على إحداث نظام خاص بحماية الفنانين يمول من الاقتطاعات المستخلصة من الأجور الفنية.

غير أنه وبعيد صدور هذا القانون صدر قانونان آخران هما:

-القانون رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا.

-القانون رقم 99.15 المتعلق بإحداث نظام للمعاشات لفائدة فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا.

وبناء على هذا المعطى الأخير، وبفضل تراكم الإمكانيات المتاحة أمام مهنيي القطاع، تتبين الحاجة إلى فتح نقاش عميق حول الموضوع قصد المساهمة في المزيد من الوضوح والمساهمة في بناء إستراتيجية وطنية للنهوض بمجال الحماية الاجتماعية للفنانين سواء ما يتعلق بالخدمات الأساسية أو التكميلية أو الأعمال الاجتماعية، وذلك وفق نظام ناجع يمكن مهنيي الفنون من الولوج إلى الخدمات الاجتماعية وفق طبيعة مهنهم، المتسمة أساسا بعدم انتظام الدخل وتعاقب فترات تشح فيها فرص العمل وفترات أخرى تتوفر فيها فرص العمل بكثرة .

*الإشكال الأول - هشاشة القطاع 

لقد حاول قانون الفنان والمهن الفنية أن يمنح عناصر أولية لحل هذا الإشكال وتمثل أساسا في  اعتماد مبدأ تقاسم مخاطر المهنة بين مزاوليها من خلال:

-اعتبار الفنانين ولاسيما مهنيي فنون العرض أجراء بعقود محددة المدة لثبوت تبعية شغلية الشيء الذي يفتح إمكانية الاقتطاع من أصل الأجور ، مع ضرورة إقرار نظام خاص بذلك كما هو منصوص عليه في المادة 20 من ذات القانون.

-اقتطاعات من العقود الفنية للفنانين الممارسين لمهن أخرى غير فنية وذلك قصد المساهمة في الحماية الاجتماعية للمهنيين الذين يعتبر العمل الفني دخلهم الأساسي.

-اقتطاعات من أجور الفنانين الأجانب غير المقيمين والعاملين مع مؤسسات مغربية.

كما أن هناك إمكانيات أخرى تتعلق بتخصيص نسب من مداخيل المكتب المغربي لحقوق المؤلف ولاسيما مداخيل النسخة الخاصة.

هذه الإمكانيات والتي هي عبارة عن مبادئ أشار القانون إلى تنزيل بعضها عبر مرسوم، تشكل أحد الرهانات الأساسية لهذه الورشة والتي سينكب فيها المهنيون وخبراء المؤسسات المشاركة على التفكير في إمكانيات تنزيلها.

*الإشكال الثاني - عدم انتظام الدخل

ويتمثل في عدم انتظام الدخل الفني على مستوى مسار المهنيين في المجال، كما سبقت الإشارة، وذلك لكون المهنيين ولاسيما الفنانين يتألقون في فترة ما من حياتهم المهنية، وتبعا لذلك يرتفع دخلهم. غير أن هذا التألق قد يفتر أو ينعدم في فترات أخرى، مما يطرح إشكالية مقدار نسبة الاقتطاعات (المساهمات)  والمعدل الذي تستطيع الغالبية العظمى المساهمة به، مع إمكانية فتح أنظمة تكميلية.

الإشكال الثالت -  أدوار التعاضدية الوطنية للفنانين

ويتمثل في الدور الذي يمكنه أن تلعبه التعاضدية الوطنية للفنانين في السيناريوهات المحتملة سواء في صيغتها الحالية أو من خلال تحديثها بتوافق مع منخرطيها والمنظمات المهنية العاملة في القطاع ولاسيما وأن الخدمات التي يمكن أن تقدمها واسعة ومنها ما يتعلق بإشكالية منح التعويض عن العطالة للمساهمين وغيرها من الخدمات، علما بأن طبيعة العمل الفني المتسم بعدم الاستقرار والتذبذب تفرض خدمات من هذا الباب وخدمات أخرى.

*الإشكال الرابع - الفنانون الرواد

ويرتبط بالفنانين الرواد والذين لم يعد البعض منهم قادر على العمل، كما أن العديد منهم لم يعد يشتغل بنفس الوثيرة التي كان عليها سابقا، والذين رغم مكانتهم الاعتبارية يعيش معظمهم أوضاعا مزرية لعدم وجود، في وقت سابق، إمكانيات وقوانين مصاحبة لتأطير حمايتهم الاجتماعية .

لقد حاولنا من خلال هذه الورقة- الأرضية طرح هذه الإشكالات أملين نقاشا تقنيا مثمرا في الموضوع يقود إلى خلاصات قابلة للتحقق من خلال سيناريوهات.   

كما أن هذه الورشة تقترح نقاشا وتبادلا للآراء بين السلطات الحكومية الوصية والمهنيين، وتمنح مجالا لتبادل الخبرات مع مختصين مغاربة وأجانب ومهنيين بغية صياغة توصيات ومشاريع خطط عمل ترفع إلى وزير الثقافة والاتصال قصد تعميقها، والحرص بشراكة مع المهنيين قصد تنزيلها وكذا تعميق مخرجاتها في ورشة ثانية ستحدد لاحقا.