رأي

محمد امين بنيوب: وداعا ..الرفيق ..القاص ..الروائي ..الشاعر الوجودي محسن أخريف..

تعرفت عليه في خضم العمل السياسي والشبابي أواسط التسعينات من القرن الماضي..كانت فيدرالية الشباب المغربي ..منظمة تابعة للحزب الاشتراكي الديمقراطي.. كنا في دائرة الثقافة والإبداع، نشكل الإستثناء وسط المنظمات الشبابية التقدمية.. الإستثناء الوحيد، هو تواجد طاقات شبابية مبدعة ومثقفة، جمعت بين الوعي السياسي وموهبة الصنعة الإبداعية.. فروع الفيدرالية جهويا ووطنيا، كانت تعج بالمسرح والموسيقى والشعر والقصة .. الرفيق محسن أخريف .. كان شاعرنا بامتياز.. كان لي الشرف أن أقدم بالرباط قراءة في عمله الشعري الأول، ترانيم للرحيل..سنة 2001..

هذا جزء من قصيدة بيان شخصي..قصيدة كتبها عن وجود الإنسان ومآله...

ليس لَدَيَّ ماَ أُخْفِيهِ

في حَدِيقَةِ العُمْر. نَبَتَتْ أَزْهارٌ كَثِيرَةٌ دُونَ أَنْ أَعْرِفَ اسْمَهَا.

نَبَتَتْ دُونَ قَصْدٍ، وَدُونَ عِناَيَةٍ مِنِّي.

أَناَ البُسْتاِنِيُّ،

الَّذِي اعْتَنَى بِحَدَائِقِ الآخَرِينَ،

وَتَرَكَ حَدِيقَتَهُ لأَزْهارَ ضاَلَّةٍ، وَمُتَوَحِّشَةٍ،

افْتَرِسَتِ الأَزْهارَ البَرِيئَةَ وَالصَّغِيرَةَ.

لَيْسَ ثَمَّةَ ماَ أُخْفِيهِ

لِهَذاَ سَأَلْقَى المَوْتَ فِي شاَرِعٍ فَسِيحٍ،

سَأَلْقاهُ بِلاَ أَسْرارٍ، وَبِلاَ أَعْطَابٍ فِي النَّفْسِ،

تَحْتاجُ إِلَى إِصْلاَحٍ فِي الأَنْفاسِ الأَخِيرَةِ مِنَ الْعُمْرِ

لَيْسَ لَدَيَّ ماَ أَخْجَلُ مِنْهُ،

طِوالَ العُمُرِ، وَأَناَ أَبْحَثُ عَنْ أَسْباَبِ الْفَرَح.

بَحَثْتُ عَنْهاَ كَماَ تَبْحَثُ النَّارُعَنْ قَشَّةٍ صَغِيرَةٍ حِينَ تَنْتَهِي مِنْ الْتِهَامِ الغاَبَةِ

لَيْسَ لَدَيَّ ماَ أُخْفِيهِ.

قَلْبِي عَلِيلٍ،وَلاَ يَقْوَى عَلَى التَّمَلُّقِ

وَدِمائِي صاَفِيَةٌ لاَ تَسْبَحُ بِهاَ كُرَيَّاتُ الكَذِبِ

لِهَذاَ بَقِيتُ طِوالَ العُمُرِ فِي الأَسْفَلِ،

أُمْسِكُ السُّلَّمَ كَيْ لاَ يَسْقُطَ بِمُرْتَقِيهِ.

فَقِيرٌ بِلاَ قَطِيعٍ،

أَمْضَيْتُ عُمْرِي أَهُشُّ بِعَصايَ عَلَى غَيْمِ الشِّعْرِ

أُجَمِّعُهُ، ثُمَّ أَنْثُرُهُ.

أَلِهَذاَ ياَ صاَحِبِي تَرَى،

أَنِّي أَسْتَحِقُّ حَياَةً أُخْرَى،

شَرْطَ أَنْ تَكُونَ مُعَدَّلَةً،

مُنَقَّحَةً مِنَ الأَلَمِ

مزيدة من الفرح.

الشاعر الراحل الرفيق محسن أخريف. ديوان ترويض الأحلام الجامحة..

رحمة الله عليك ..لله الأمر من قبل ومن بعد..