رأي

عبد اللطيف مجدوب: فيروسات تحملها بصمات كل صاحب "بورطابل" !

البورطابل أو الحاسة السابعة!

بتقدير خبراء التكنولوجيا Technologists  أن القرن الواحد والعشرين شهد ثورة عارمة في مجال السيبرانية Cybernetic  أو( علم الاتصال وأنظمة التحكم الآلي في كل الآلات والأشياء الحية)؛  فانتقلت هذه الآلية إلى الهواتف الذكية، التي عرفت بدورها تطويرات دقيقة وبمواصفات جد مغرية في مجالات الصورة والفيديو والاتصال وتخزين المعلومات والسياقة الخرائطية driving mapped ... وهكذا وجدتها مؤسسات وشركات تصنيع الهواتف مجالًا خصبا للتنافسية والابتكار والإغراء؛  فأغرقت الأسواق بأحدث طرازاتها، وبأسعار تنافسية ؛  دفعت "بالبورطابل" لأن يتبوأ منزلة مرموقة لدى كل فرد على وجه البسيطة ؛  كان في القفار والصحاري أو في المرتفعات وأعماق البحار!  حتى غدا بمثابة حاسة جديدة انضافت إلى حواس الإنسان،  ولا يمكن إطلاقاً التخلّي عنها ؛  وإلا كان كمن يرغب في الانسلاخ عن جلده !

وحري بنا التوقف عند خطورة هذه الآلية ؛  بوصفها العمود الفقري الذي تستند إليه كل منصات التواصل الاجتماعي Public media  التي تربط بين أبناء البشر؛  بغض الطرف عن مشاربهم وأعراقهم وطبقاتهم ولغاتهم . والإبحار بها ؛ ضمن الشبكات العنكبوتية ؛  يعني ملامسة أزراره من 90 دق/ي إلى 215 دق/ي ، والوقوف على صبيب مليارات المعلومات في الثانية الواحدة.

فيروسات البورطابل

قد يتساءل المرء كم لمسة أصبعية تأتي على بورطابل شخص في الدقيقة الواحدة ؟ فقد نحصي المئات ؛  سيما تجاه أشخاص مولعين أو بالأحرى مدمنين على الإبحار عبر الفضاء الأزرق؛ من خلال التواصل السمعي البصري Audio visual أو عبر تبادل الرسائل النصية.. أو البحث في قضاء مآرب أخرى ؛  كإعادة سماع مقاطع فيديو أو استشارة اليوتوب YouTube في أمر "ذي بال" ، أو بالأحرى السياقة عبر خريطة ذكية Driving mapped  .

وقد نتسائل أيضاً كم وجبة طعام احترقت ؛  حتى ضجت روائحها في كل أرجاء المنزل لتخبر الزوج (ة) بضياع القدر (الطنجرة)  بسبب إغراقه في بحر البورطابل؟! ... كما نتسائل كم نسيته الفتاة ؛  وقد غدر بها النعاس في حضرة البورطابل؟ أو برنامج عمل أصابه التلف والنسيان بسبب ركون صاحبه إلى هاتفه النقال؟

لكن الأخطر؛ في كل هذا ؛  تقلبات البورطابل في اليد الواحدة ؛  وتقلبات هذه الأخيرة في لمس أشياء معفرة بمواد وسوائل وفضلات... تترك بصماتها على البورطابل ؛  فتتراكم ساعة إثر ساعة ويوماً بعد يوم ؛  وقد تمتد أسابيع وأسابيع دون أن يطالها مسح أو تنظيف أو تطهير!  فتغدو أخيراً ملاذاً لتكاثر جراثيم فتاكة رهيبة ؛  قد لا تخطر على بال،  ويكفي أن تتكون لديك نظرة عن صاحب البورطابل بمجرد اقترابك منه وشم رائحته.. فهناك بورطابل الطباخ المشبع بروائح الأفاويه والبهارات ؛ وهناك بورطابل الزوجة (ربة البيت) داخل المطبخ اللزج بفعل الدهون وخليط روائح البصل والسمك ! وهي تنتقل به ما بين الغسالة والثلاجة ودورة المياه ومرآة التجميل..

فلو أمكن إخضاع البورطابل لمجهر رقمي دقيق لشاهدت على شاشة الماسح الضوئي scanner screen   فيروسات بقوائم مشعرة ضخمة وخراطيم أخطبوطية !

ويسود اعتقاد أن الكشف الصحي لإنسان المستقبل القريب سيشمل "البورطابل" كعضو أساسي لدى الشخص والبحث في نوعية الجراثيم التي تسكنه ؛ ابتداءً من تاريخ اقتنائه..!

حياة المغاربة والبورطابل

تكاد كل الملاحظات الأمبريقية (العلمية) والوقائع اليومية تُجمع على أن لهذا الأخير دوراً رئيساً في تسريع حركية المغاربة سعياً وراء تلبية حاجاتهم ؛  كما تعزى إليه أسباب انفجار عديد من القضايا الاجتماعية كارتفاع نسب الطلاق والمكر والنصب والاحتيال والابتزاز..  هذا عدى حالات الإدمان التي امتدت تداعياتها حتى إلى الأطفال الصغار؛  وهم ما زالوا في طور الرضاعة ؛  من خلال "تلهية" الطفل بمشاهدة مقاطع اليوتيوب ؛  بغرض كفه عن الصراخ وطلب الطعام مقابل أن يدع لأمه متسعاً من الوقت لتصرفه في مغازلة البورطابل !