مجتمع وحوداث

بريد المغرب تحت المجهر... صفقات مشبوهة تمرر في اوقات العطلة ومواد تعقيم لشركة محظوظة بقيمة 38 مليون درهم

كفى بريس

كان مجهر اللجنة البرلمانية، التي نشرت نتائج مهمتها الاستطلاعية حول بريد المغرب في تقرير بصيغة نهائية، كاشفا لعدد لا حصر له من الاختلالات والنواقص التي تعيش على إيقاعها هذه المؤسسة العمومية.

التفاصيل كثيرة وعديدة، عرت بشكل واضح وفاضح، على سوء التدبير والتسيير من جهة، وسوء النية أيضا من جهة اخرى.

لأنه لا معنى لصفقة مثلا، تفتح اظرفتها الخميس، ويقابلها الجمعة عطلة تزمنت مع فاح يناير، إضافة إلى السبت والأحد عطلة نهاية الأسبوع، والإثنين يتم البث فيها ومنحها لمن كان محظوظا في نيلها وبشكل مريب.

المسألة ليست فيه سوء تقدير بقدر ما تحمل تواطؤ في تمرير الصفقات بشكل يبدو قانونيا، لكنه تحايل على القانون بجعل التوقيت في صالح المحاباة بدل المنافسة الشريفة التي تتطلبها مثل هذه الصفقات العمومية.

اللجنة البرلمانية في الصفحة 85 من تقريرها النهائي حول بريد المغرب، أشارت إلى هذه الواقعة الغريبة، وتساءلت عن مدى إمكانية فتح الأظرفة ودراسة العروض وإسناد الصفقة في ظرف وجيز جدا، علما أن بريد المغرب يخضع لضرورة احترام مساطر وآجال دعوات أعضاء اللجنة من الإدارات ودعوة المقاولات المعنية، طبقا لمساطر إسناد الصفقات.

التساؤل يحمل الجواب في طياته، فبريد المغرب كان هدفه من هذا التوقيت الضيق جدا، هو تمرير الصفقة لشركة تعددت إستفاداتها من هذه المؤسسة العمومية في صفقات عديدة أخرى.

وقد سردت اللجنة البرلمانية في الصفحة 84 من تقريرها، أرقاما ومبالغ تصيب بالدوار، وتصيب بالذهول من حجم المال العمومي الذي يتم التلاعب به من طرف إدارة بريد المغرب.

في الصفحة نفسها، بسطت اللجنة البرلمانية، مبالغ صرفها بريد المغرب في شراء مواد التعقيم والتي بلغت سنة 2020، قيمة إجمالية تقدر 38 مليون درهم، وطبعا كل هذا المبلغ الضخم تم تحويله للشركة المحظوظة نفسها، في إطار الصفقات المشبوهة التي تم إعتماد عنصر المحاباة فيها كأساس بدل التنافس الحقيقي الذي يشدد عليه قانون الصفقات العمومية.

تقرير اللجنة البرلمانية الذي جاء في 92 صفحة، مليء بالأرقام والمعطيات التي يمكن وصفها بالصادمة، نظرا لحجم الخلل الذي يعانيه بريد المغرب بسبب ما ذكر سلفا، إضافة إلى ما إحتواه التقرير من معطيات أخرى.

ولعل تأشير أعضاء المهمة الاستطلاعية، على عدم تمكين اللجنة البرلمانية، من الوصول إلى عدد من الوثائق الهامة، وخاصة تلك المتعلق بالصفقات. يحيل مباشرة على أن في الامر إن كبيرة تستلزم التحقيق في الامر.

وهو ما قامت به اللجنة، بدعوتها للمفتشية العامة للمالية، إلى إجراء تدقيق من طرفها يهم “الجوانب المالية المرتبطة بالتدبير والإنفاق”، إلى جانب مطالبتها بـ”إحداث لجنة بينية (الوزارة الوصية ووزارة الاقتصاد والمالية)، لتتبع تنفيذ توصيات هذه المهمة الاستطلاعية.