على باب الله

مول الفز تيقفز

المصطفى كنيت

في ديوان سيدي عبد الرحمان المجدوب..

الصمت حكمة

و منو تتفرق لحكايم

كن ما نطق ولد لحمامة

ما يجي ولد لحنش هايم.

والظاهر ان قدر فرخ الحمامة ان لا يسكت...

لذلك سارع حزب "الحمامة" إلى إصدار بلاغ ناري يهاجم فيه والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري من قبل ان يرتد إليه طرفه، و سط صمت مريب لباقي الاحزاب السياسية، إزاء تصريحات مسؤول كبير، لا ينطق عن الهوى، و إن كان في تصريحاته بعض اللغو.

وكما سبق الحزب إلى إعلان برنامجه الانتخابي، و إطلاق حمامه من اكادير وسط فقاعات الوعود الزرقاء، التي سرعان ما تختفي في السماء، يحاول اليوم الحد من التأثير السلبي لتقييم والي البنك المركزي، لما تتضمنه برامج الاحزاب من خداع.

ولا شك ان الجميع يتذكر مشهد الساحر الذي يخرج الحمامة من كم معطفه، ثم تختفي بمجرد ان يغطيها بقطعة من الثوب، وسط ذهول الجميع.

الفرق الوحيد ان حمامة الساحر بيضاء و حمامة الحزب زرقاء، تيمنا بزرقاء اليمامة، التي كانت  "تُبصر الشَعَرةَ البيضاء في اللبن وترى الشخص القادم من  على بعد يوم وليلة".

وقد يكون واضعو البرنامج الانتخابي لحزب الاحرار  ابصروا  بما لم يبصر به والي بنك المغرب، وبالتالي لم يكن كلامه يستحق الرد إلا في إطار بلاغ مشترك للأحزاب، غير ان التجمع اراد ان يحقق قصب السبق، و هو سبق يجعله وحيدا في مواجهة شخصية ذات باع ومصداقية، و يزان كلامها في ميزان الذهب.

وليست المرة الاولى التي يهاجم فيها التجمع شخصية من هذا القبيل، فقد سبق له ان هاجم إدريس جطو، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للحسابات، من دون ان ينال ذلك مثقال ذرة او يحرك شعرة في سجل الرجل الحافل بالصراحة و الصدق.

والواقع ان مثل هذه الادوار لا تلائم الحمامة، التي ظلت دائما رمزا للسلام، قبل ان يظهر من يريد  ان يجعل منها حدأة او صقرا، فيما الطيور الجارحة الحقيقية تحط على رؤوس الجبال تنظر اللحظة المناسبة للانقضاض على اسراب الحمام.

مثل رد الفعل هذا، طبعا، هو ما يقوض منسوب الثقة في الأحزاب السياسية، ويقوي العزوف الانتخابي.

و إذا اضفنا اليه توزيع القفف و الوعود الانتخابية، غير القابلة للتحقيق، فإن هذه الثقة تنهار تماما، وهو ما نبه له والي بنك المغرب، بواقعية و دهاء، لأنه يعرف ان خزينة الدولة لا تتحمل ما تلوكه الالسن من كلام، و ان مهمة الاحزاب تحديد الاولويات و ليس رفع الشعارات.

و لا شك ان كلام احد كبار رجالات الدولة قد صدم الذين كانوا يأملون ان تحظى وعودهم بالثقة، غير محسوبة العواقب.

فكان طبيعيا ان يقفزوا من أماكنهم، وكما في المثل الشعبي: "مول الفز تيقفز".