قضايا

ماذا لو تعاملنا مع كل قضايانا بنفس الحنكة التي واجهنا بها وباء " كورونا"

محمد نجيب كومينة

ابانت الدولة المغربية عن علو كعب وذكاء وقدرة استباقية فيما يتعلق باللقاحات. حيث استطاعت من جهة التزود بعدد كبير من اللقاحات دون انتظار كوفاكس، التي استفدنا منها هي ايضا، من الهند والصين والسويد  وبشكل جعل عملية التلقيح ببلادنا تسير بوتيرة سريعة لتصل اليوم الى فئة سن :45 سنة وبالتالي  تغطية الساكنة الهشة في وقت قياسي.

و نتيجة لذلك جاء المغرب صمن الدول ال 15 الاوائل عالميا فيما يتعلق بتلقيح السكان صد كورونا، والوحيد في هذه اللائحة من القارة الافريقية، من جهة،  واستطاع ان تنظم عملية التلقيح بشكل ساوى بين المواطنين بتحديد مواعيد اللقاح على اساس رقم البطاقة الوطنية والفئة العمرية وحال دون تأثره بالممارسات الادارية الشائعة، وجعل رجال ونساء السلطة والصحة يتصرفون بشكل مثالي مع المواطنين، بما في ذلك في البوادي التي وصلها اللقاح في نفس الوقت الذي كان يصل فيه الى مختلف المدن، من جهة ثانية، بحيث يمكن القول، بكل موضوعية ونزاهة، اننا حققنا قصة نجاح حقيقي لا يمكن إلا ان يبعث على الثقة في قدرات الدولة المغربية وعلى الاعتزاز بالانتماء للمغرب.

وعدا ذلك، وعلاقة به، فقد تبين ان للمغرب قدرات لوجستيكية مشرفة جدا لمواجهة اي طارئ، بما في ذلك جائحة بحجم كورونا، وبنيات قابلة للتكييف والتعبئة، من قبيل وسائل التخزين والتبريد، و لا بد من الاشارة في هذا النطاق الى الادوار التي لعبتها الخطوط الجوية الملكية على هذا الصعيد وغيره في المدة الاخيرة كناقل يتوفر على كفاءات عالية تدعونا الى الحرص عليه في هذا الظرف الصعب باي ثمن، وتبين كذلك ان لنا في المغرب قدرة خارقة على تنظيم عمليات بصخامة تلقيح ساكنة البلد من طنجة الى الكويرة بموازاة عمليات اخرى لا تقل صخامة وتعقيدا من قبيل تنظيم التحويلات النقذية المباشرة لفئات متصررة من الوباء والاجراءات التي اتخذت للحد من تفشيه او ايضا تدبير حالة الطوارئ الصحية الذي كان في المستوى على العموم، و لم تسئ اليه بعص التصرفات غير المناسبة المحدودة في النهاية ...الخ.

و لا شك ان نجاح الدولة هذا كان ممكنا على اصعدة مختلفة بفصل النضج الكبير الذي ابداه الشعب المغربي بتجاوبه التلقائي مع عدد من القرارات، ومن ذلك عدم حصول اي مسعى لتجاوز او ارباك عملية التلقيح باستعمال الاساليب التي كانت دائما مسيئة و مولدة لاحاسيس بالظلم والحكرة.

ماذا لو سارت الدولة على نفس النهج في تدبير مختلف شؤون البلاد و تحقيق اهداف التنمية الوطنية؟

ماذا لو حرصت على ان يستفيد كل المواطنين على قدم المساواة بلا تعقيدات من الخدمات التي تقدمها في ميادين التعليم والصحة والإدارة والقضاء  والأمن وعلى زجر اي تجاوز من اي كان، و وقف استغلال النفوذ والشطط في استعمال السلطة وإنهاء الرشوة والفساد؟

اكيد اننا لو سرنا على هذا النهج سنسرع عملية التنمية بنقلها الى وتيرة غير مسبوقة، و سنخفض كلفة مشاريعها وبرامجها، و سنجعل المواطن ينخرط فيها بثقة و سنحل جملة من المشاكل التي تعطل مسيرتنا و نتقدم على طريق اقامة العدالة الاجتماعية التي تمثل الغائب الاكبر في نموذجنا التنموي الحالي.

ليس المال، على أهميته، هو الذي يحل كل المشاكل، بل الذكاء والإرادة السياسية والتنظيم والاستقامة هي التي تشكل اهم رأسمال، وحين نقارن مع الفشل الدريع في جوارنا، فإننا لا بد ان نقتنع بذلك.