رأي

حسناء شهابي: يؤذن ولا يصلي

من المضحك المبكي، أن بعض السياسيين  الذين يغوصون في الديكتاتورية والاستبدادية والتحكم  والنفاق السیاسي يعملون جاهدين أن يكونوا صوتاً للثورات والدعوة لها بكل إصرار، وتطالب بممارسة الدیمقراطیة والاستجابة لمطالب الشعب بینما ھم یكفرون بالدیمقراطیة لأنھا حرام طبعا في ممارستهم  و تنظيماتهم وحلال  في أسطوانة خطاباتهم البئيسة التي يرددونها  في محارب الإعلام بافتعال المعارك والهجمات ثم حياكة المؤامرات للإيقاع بالخصوم.

إن الأشكال المتدنية من العمل السياسي تعود بالدرجة الأولى إلى تأسيس واجهة كيانات حزبية تعمل بنظام المافيات لتحقيق مصالحها وليست أحزاب سياسية تهتم بالشأن العام، بل أكثر من ذلك تهتم باستخدام حثالة القاع في مناورتها .

فمن المستحيل الارتقاء بأساليب العمل السياسي دون الارتقاء بمستوى الكيانات الحزبية إلى مستوى مؤسسات سياسية تقودها نخب سياسية مناضلة ومثقفة ومدركة لمهمة و مسؤولية العمل السياسي  كرموز   التغيير و الإصلاح ولديها من الخبرة العملية لإدارة الصراع الاجتماعي  والثقافي والأيديولوجي عبر المفاوضات الراقية والسلمية لتحقيق الأمن والاستقرار بما يخدم عملية التنمية والتقدم للمجتمع. لهذا فنتيجة العزوف يجسده الشرفاء وأصحاب الكفاءات أما التهافت فمن الطامعين المتسلقين من أجل تحقيق المنافع وإن كان ذلك التنازل على حساب مصالح والتفريط بمطالب الشعب.

ما يحز في النفس أن هناك أحزاب أفلست سياسيا وتنظيميا  ومازالت تتبجح بإنجازات  من صنع خيال  طغيانها  عن جد افتقدنا أبطال سياسيين كنا من قبل نتغنوا بهم  أين نحن منهم؟ و أين نحن من الدور المحوري للسياسي  الذي يرتكز  على النضال الواعي ضد التسلط و القمع؟ أين نحن من الرؤية النقدية والتنويرية للمجتمع ؟ فالسياسي المسؤول و الجاد هو من يترافع  عن الحقيقة في وجه القوة.

لهذا كفاكم ادعاءا بالديمقراطية وأنتم أبعد ما یكون عنھا فتفعلون ما یفعله الدیك الذي یؤذن ولا یصلي.. أنتم بالفعل ھكذا، بل أنتم تكفرون بالدیمقراطیة وتقمعون من یطالبكم بھا وتسحقون من يعارضكم وتغیبون من هم أحسن  منكم وتحرضون ضد أي تحرك یقوم به المصلحون.

الشجرة التي لا تثمر فى الخریف فلا تنتظر خیرھا فى الربیع  لهذا صرخاتكم الاصطناعية للدفاع عن حقوق الإنسان والحریات والكرامة والدیمقراطیة ما ھي إلا قمیص عثمان الذي تتاجرون به.