رأي

نعيمة فرح: سياسة البؤس وبؤس السياسة

قيادية في حزب التجمع الوطني للأحرار ونائبة برلمانية سابقة
يعيش المغرب هذه الأيام على إيقاع الاستعدادات الحامية الوطيس لانتخابات،  نتمنى ونأمل أن تكون فاصلة في تاريخ المغرب المعاصر....
هذا المغرب الذي عرت جائحة كورونا على العديد من الاختلالات التي طفت على السطح ،ووجد نفسه يبحث عن حلول لها، في ارتجالية تامة، أصابت مرة واخفقت مرات.
ولولا الالطاف الإلهية وحنكة وتبصر ملك البلاد الذي اتخذ إجراءات جريئة وقرارات حاسمة.. لكانت عواقب الجائحة أكبر واهول....
أذن هناك العديد من العوامل التي تجعل من هذه السنة، والسنة التي سبقتها، والتي ستليها سنوات لها طابع خاص جدا جدا. 
و تأبى الانتخابات إلا أن تكون في هذه الظرفية الخاصة.. لذلك كان المأمول هو أن تسارع الأحزاب السياسية التي تنوي خوض غمار هذه الانتخابات لكي تكون بجانب الملك وأن تنكب بدورها، على دراسة والبحث عن حلول قادرة على إخراج البلد من هذه الأزمة التي لم نشهد مثلها من قبل ونرجو من الله أن لا نرى مثلها من بعد. 
هذا كان هو المأمول والرجاء، بل المطلوب من أحزاب سياسية، ما لبثت الدولة تزيد في ميزانياتها مقابل القيام بدورها في التاطير والتكوين، وطرح الأفكار، والاتبان بالحلول للمشاكل التي طفت وتطفو على السطح، عبر برامج تأخذ بعين الاعتبار إمكانات المغرب البشرية والاقتصادية... وأهم من ذلك قابلة للتحقق على أرض الواقع.
وكان المأمول أيضا أن يتم طرح الأفكار من لدن هذه الأحزاب السياسية للمناقشة والتعمق فيها... مع إمكانية البحث دوما وأبدا عن حلول بديلة في حالة ما إذا ما اصطدمت إحدى هذه الأفكار بواقع عنيد. 
في البلدان الديمقراطية وحتى النامية هذا ما يحدث... وبذلك يتم تداول السلطة بين هذا التيار وذاك بطريقة سلسة ووفق اي الأفكار والبرامج كان أكثر قابلية للتنفيذ. 
وبما اننا بلد نامي يسعى إلى تحقيق الديمقراطية فانتظاراتنا من احزابنا كانت تصب في هذا الاتجاه... 
لكن ماكنا ننتظره بقي في واد وواقع احزابنا السياسية في واد غيره.... 
لقد سقطنا سقطة مدوية في سياسة شعبوية خطيرة ونزل سياسيونا(وأنا واحدة من هذا الجسم السياسي) إلى أسفل القاع حيث نغترف منه كل شيء إلا مصلحة الوطن والمواطن.. 
دخل سياسيونا في متاهة التفاهة.. وصرنا نتبادل الاتهامات في الشكليات متناسين العمق.. 
ولجأ بعض من هؤلاء الساسة إلى استغلال فقر وحاجة المواطن ليذله عبر التصدق عليه بسمكة نثنة..... وينتظر منه تقبيل القدم قبل اليد في إذلال تام لروح الإنسان فيه.... وصار هذا البعض من الساسة يتلذذ بفقر الناس وبازدياد فقرهم وجهلهم.... لأنه يعرف أنه كلما زاد الفقر كلما كثر الاتباع. 
في الجانب الآخر نرى سياسيين لا هم لهم إلا البحث عن السبيل الذي يجعلهم يصطادون أكبر عدد من ضحايا الوعود الكاذبة... 
وهناك قلة قليلة جدا من هؤلاء السياسيين الذين لا ننكر أن قلبهم على الوطن لكن بالكاد أن تكون بيدهم حيلة... لأن جل المواطنين انساقوا وراء من يمدهم بمساعدة عينية بالكاد تسد رمق جوع أيام معدودة (ألا قبح الله الفقر) 
وبين هذا وذاك غيبت البرامج وحلت محلها الصدقات...  
وغيب الحوار المسؤول وحل محله* المعيور* وكأننا في منافسة أينا يجيد أكثر هذا هذا النوع الدخيل على ممارستنا السياسية. 
وغيب النقاش الجاد وحلت محله التفاهة 
والأدهى من كل ذلك أن الوطن غيب وحلت محله المصلحة الخاصة.. لاسيما من طرف تجار السياسة الذين اتخذوها مطية للاغتناء والحصول أكثر ما يمكن على الإمتيازات والحفاوات... 
والعجب العجاب انك عندما تسمعهم يتحدثون تراهم يتباكون على واقع الحال وينطق لسانهم كذبا وبهتانا بأن مصلحة الوطن هي همهم... ألا بئس ما يقولون... 
لأنه إذا كان ذلك مرادهم فلماذا لا نرى أثرا لذلك على أرض الواقع... ولماذا يزداد الوطن فقرا وهم يزدادون غنى.. ؟؟؟؟
 هذا واقع حال اوصلتنا إليه فئة من الساسة الذين لا يروا في المواطن إلا سلما للتسلق ولتحقيق أغراضهم... 
إنها بكل اختصار *سياسة البؤس وبؤس السياسة* 
فمتى نفهم ونعي وننتفض ضد من يتلذذ بمآسينا. ؟؟؟؟