تحليل

الإدارة المعيقة للتنمية

ادريس الفينة

لازالت الادارة تشكل عائقا امام تسريع مسلسل التنمية في المغرب وتطوير الاستثمار. رغم الانتقادات الملكية  المتعددة ورغم صدور قانون تبسيط المساطر والاجراءات الادارية والميثاق الوطني للاتمركز الاداري فلا زالت دار لقمان  على حالها.  الاسباب متعددة والاختلالات معروفة. كل الوزراء الذين تعاقبوا على هذا القطاع لم يستطيعوا ايجاد الوصفات المناسبة لهذه الاشكالية البنيوية نظرا لتعقيداتها المصطنعة. اليوم اصبح هذا القطاع تحت وصاية وزارة المالية والاقتصاد ولكن ماهي الافاق؟. في السابق ثم ادخال جرعات من الاصلاحات لا احد يعرف اثارها لحدود اليوم منها المغادرة الطوعية التي سمحت لاحسن الاطر من التخلص من الادارة القاتلة للطموح والابداع. كما ثم  تبني التوقيت المستمر الذي اعطى شرعية لتقزيم مدة العمل والتغيب المبرر.

 لا احد اصبح اليوم يرغب في مواجهة جيش من الموظفين هم من يحددوا حقيقة ايقاع التغيير في البلاد . هم من يشكل المعارضة والمشاركة هم من يحددوا للوزراء المتعاقبين نوع وحجم التغيير الذي يمارسونه. 

الادارة اصبحت تتجاوز الجميع لانه حتى ذلك الموظف الجديد الذي يلتحق بها وهو ابيض ناصع الفكر وكله حماس وعقله مليئ بالمعرفة والافكار الجديدة يجد نفسه محاصر بثقافة متخلفة تراكمت لسنوات وعقليات متحجرة وطقوس غريبة عليه اما الانخراط فيها  او الانسحاب. 

كما ان الاساليب التي تدار بها الادارة اليوم في غياب منطق الاهداف والمحاسبة والتقييم المستمر والتكوين يجعلها في وضع خمول مستمر.

الكل داخل الادارات يعتقد ان الاجور التي يحصل عليها الموظف غير مرتبطة بجودة الخدمات التي تقدم للافراد والمقاولات ولا بالمردودية المستمرة. وان دور الموظف هو تعطيل وتعقيد المساطر  لخلق اكبر قدر من الاحباط لدى المواطن والمقاولة.

لازالت العديد من الخدمات التي يمكن ان تتطلب من يوم ليومين او اسبوع تحتاج لشهور متعددة ولعدد كبير من الاوراق توجد بعضها لذى ادارات اخرى وعدد لا منتهي من الزيارات القصرية. كما ان الادارة تحب ان تماطل المواطن وتراه يكره الاقتراب منها. اما الرشوة فلا داعي للكلام عنها لان التقارير الدولية لم نعد قادرين على اعادة قرائتها.

الادارة لا تحب التحول الرقمي لانه يتناقض مع الخمول وغياب الشفافية والابداع والابتكار والتفنن في اخفاء المعلومة. بعض الخدمات الرقمية الحالية التي تقدمها بعض الادارات محدودة او ضعيفة الجودة او شكلية او شبه معطلة.

الادارة تكلف الاقتصاد الكثير، مايناهز 225 مليار درهم يستفيد منها ما يقارب نصف مليون موظف مدني .وهي ارقام كبيرة مقارنة مع ماهو موجود في دول شقت بسرعة طريقها نحو التنمية بمناخ اعمال متطور وادارة رقمية متطورة ومساطر شفافة وسريعة. 

تغيير الإدارة يتطلب استراتيجية شاملة طال انتظارها فجرعات الاصلاح المجزئة التي يتم ادخالها بعد طول انتظار لاتلبث ان يتم نسيانها وتبقى دار لقمان على حالها. كل ما تفكر به الدولة من استراتيجيات ونموذج تنموي جديد وبرامج لتسريع النمو لا يمكنها ان تصل لمبتغاها من دون اصلاح سريع للادارة .