رأي

عبد السلام انويكًة: العلاقات بين المغرب وأمريكا الجنوبية

في اطار ما هو جيوستراتيجي داعم لقضايا المغرب السياسية، ومن أجل ما هو رمزي من ذاكرة مشتركة، وتثميناً لِما هناك من عمل علمي بحثي مؤسساتي ووعياً وانفتاحاً من الجامعة المغربية على ما هو دبلوماسي علائقي مغربي دولي. نظمت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط من خلال أنشطة فريق بحث في العلاقات الدبلوماسية المغربية الأمريكية اللاتينية عن جامعة محمد الخامس، لقاءً علميا في موضوع“20 سنة من العلاقات بين المغرب وأمريكا الجنوبية“. اللقاء الذي جرى يوم السابع عشر من شهر مارس الجاري عبر تقنيات التواصل عن بعد، والذي جاء ضمن برنامج“ابن خلدون” لدعم البحث العلمي في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، أسهمت فيه وأطرته شخصيات سياسية وأكاديمية وازنة عن دول أمريكا الجنوبية، على رأسها Ernesto Samper Pizano رئيس جمهورية كولومبيا السابق، وSalete Valesan Camba المديرة العامة لجامعة أمريكا اللاتينية للعلوم الاجتماعية FLASCO، فضلاً عن باحثين جامعيين بارزين من البرازيل وكولومبيا والإكوادور. عن الجانب المغربي شارك في هذا الموعد العلمي كل من الدكتور جمال الدين الهاني عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط، والدكتور سمير بوزويتة عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية سايس فاس وعن المجتمع المدني حمودة صبحي  رئيس  منتدى بدائل.

محاور نقاش هذا اللقاء العلمي الدولي توزعت على تقييم حصيلة العلاقات السياسية المغربية الأمريكية اللاتينية من جهة وآفاق التعاون الاقتصادي والثقافي والحقوقي من جهة ثانية، فضلاً عما هناك من طبيعة تفاعل ودينامية ايجابية باتت تطبع العلاقة بين الطرفين، مع ما تم استحضاره من أهمية دعم سبل التعاون البحثي الجامعي ومبادرات المجتمع المدني لتقوية وتوسيع وعاء تعارف الشعوب وتواصلها.

ولعل ندوة “20 سنة من العلاقات بين المغرب وأمريكا الجنوبية” التي نظمتها كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط، تستمد أهميتها وراهنيتها من إعادة طرحها لفعل الدبلوماسية المغربية وللعمل العلمي الانساني والممارسة العلمية الموازية، ومن ثمة وضع المهتم والقارئ والسياسي المغربي كذا الأمريكي الجنوبي اللاتيني، أمام ما هناك من بحث علمي انساني تاريخي ثقافي يهم واجهتين استراتيجيتين المغرب ودول أمريكا الجنوبية، وما هناك من أنشطة دبلوماسية مغربية تاريخية تعود للقرن التاسع عشر والقرن العشرين. وهو دعوة لقراءة تاريخ الدولة المغربية المعاصر في علاقتها بمجال أمريكا الجنوبية، من زاوية ما تحتويه الذاكرة من علامات فعل وتفاعل دبلوماسي لإبراز ما هناك من ماض مشترك وهوية وامتداد تاريخي تلاقحي ببن الطرفين.

في علاقة بندوة “20 سنة من العلاقات بين المغرب وأمريكا الجنوبية“، يذكر أن من النصوص التي تعززت بها خزانة المغرب التاريخية في الموضوع، هناك “الذاكرة التاريخية المغربية الأمريكية الجنوبية..دراسة في الوثائق الديبلوماسية” للدكتور سمير بوزويتة. مؤلف بقيمة مضافة هامة صدر قبل بضعة سنوات في طبعة أولى عن دار أبي رقراق للطباعة والنشر في حوالي أربعمائة صفحة ضمن منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين واعضاء جيش التحرير. وقد جمعت فصوله نِقاط تماس عدة وأزمنة وأمكنة ومحطات ومعطيات تاريخية دبلوماسية بالغة الأهمية في علاقات المغرب بدول هذه الوجهة من العالم. وبقدر ما توجه المؤلف لرصد دبلوماسية مغربية أمريكية جنوبية من خلال وقائع ووثائق، بقدر ما استهدف توسيع تراكم وإبراز قيمة مشترك رمزي في عمل الدبلوماسية المغربية من خلال الأرشيف. ولعل مما خلص اليه أهمية انفتاح الباحثين على كائن الزمن المغربي الأمريكي الجنوبي اللاتيني، مع ما ينبغي من تحفيز صوب ما هو ذاكرة بين المغرب وشعوب العالم وعيا بما يمكن أن تُسهم به لفائدة حاضر البلاد ومستقبلها.

يبقى مما طبع ندوة كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط حول “20 سنة من العلاقات بين المغرب وأمريكا الجنوبية“، والتي سيعقد موعد ثان لأشغالها في 21 أبريل 2021 بمشاركة شخصيات سياسية وأكاديمية متميزة عن دولة الشيلي والأرجنتين والباراغواي والأوروغواي وبوليفيا بأمريكا الجنوبية. يبقى مما طبعها حضور متميز لرئيس جمهورية كولومبيا السابق Ernesto Samper Pizano، من خلال مساهمة برمزية عالية نوه فيها بحصيلة دبلوماسية المغرب وما هي عليه من فعل ونوعية تفاعل.

*مركز ابن بري للدراسات والأبحاث وحماية التراث