تحليل

لماذا تنصح السلطات الصحية العالمية والأوروبية بالاستمرار في التطعيم بلقاح أسترازينيكا-أوكسفورد؟

الطيب حمضي*

رغم قرار بعض لدول تعليق - من باب الاحتياط - استعمال لقاح أسترازينيكا-أوكسفورد، فإن منظمة الصحة العالمية والوكالة الأوروبية للدواء اللذان يتابعان المعطيات أول بأول نصحتا الدول بعدم تعليق استعمال هدا اللقاح بالموازاة مع الدراسات المعمقة حول الموضوع.

حسب المعطيات المتوفرة لحد اليوم:

الدنمارك والدول التي حدت حدوها اتخذت قرار التعليق ليس بسبب ثبوت علاقة محتملة بين التطعيم بلقاح أسترازينيكا-اوكسفورد وبعض حالات تخثر الدم لد الملَقَّحين، ولكن من باب الاحتياط.

في دراسة الآثار الجانبية للقاح أسترازينيكا ليس هناك آثار لها علاقة بمشاكل تخثر الدم.

من الناحية الإحصائية يوم الأحد 14 كانت هناك 37 حالة مسجلة من مشاكل تخثر الدم لدى الأوروبيين الملقحين والبالغ عددهم وقتها 17 مليون شخص.

وتقول الاحصائيات أن هذه النسبة من حالات تخثر الدم لدى الملقحين هي نفسها – بل أقل – من نسبة حدوث هده الحالات داخل الساكنة العامة بدون تلقيح. أي أن عدد الأشخاص الذين يصابون عادة وخلال كل السنوات السابقة، أو أصيبوا بمشاكل تخثر الدم هو نفسه بل أكثر من عدد الحالات التي تم تسجيلها لدى الملقحين.

وهذا عنصر إحصائي مهم..المفروض في الآثار الجانبية للأدوية أو اللقاحات أن تكون احصائيا أكثر بكثير لدى الدين تناولوا الأدوية او اللقاحات مقارنة مع غيرهم. لإعطاء فكرة: فرنسا تسجل سنويا 300 ألف حالة من مشاكل تخثر الدم، أي أزيد من 820 حالة تخثر دم يومية. أمم نفس عدد الساكنة وفي نفس الفترة الزمنية يجب أن يكون عدد الحوادث بين الملقحين أكبر من غيرهم لربط الحوادث بلقاح أو دواء ما.

معدل عدد حالات تخثر الدم المسجلة بين المطعمين بلقاح أسترازينيكا هو نفسه بين الملقحين باللقاحات الأخرى المعتمدة ضد كوفيد 19.

بريطانيا هي البلد الأوروبي الدي لقح أكبر عدد من مواطنيه بلقاح أسترازينيكا - 11 مليون – وله نظام يقظة دوائية من بين أكثر هده الأنظمة تطورا وفعالية، ولم تسجل منظومة الرصد بها أي زيادة في خطر مشاكل تخثر الدم بين الملقحين مقارنة بباقي الساكنة.

من جهة أخرى فإن من شأن تعليق حملات التلقيح بدون دواعي طبية ملموسة أن يحرم مئات الألف من الناس من التلقيح والحماية ضد كوفيد 19.

وإذا علمنا أن مجمل الدول لازالت في المراحل الأولى من التطعيم أي أنها لا زالت تستهدف الأشخاص المسنين ودوي الأمراض المزمنة، وهي الفئات الأكثر هشاشة وتعرضا للحالات الخطرة والوفيات بسبب كوفيد 19، فإن تعليق التلقيح ولو لمدة محدودة ستنتج عنه وفيات بالمئات، وهي أكثر بكثير من ثلاث حالات وفاة بسبب علاقة مزعومة وغير مؤكدة بين اللقاح وحالات مشاكل تخثر الدم.

من المؤكد أنه ينبغي أخذ أي عارض جانبي مهما كان على محمل الجد، ودراسته والتعمق فيه حتى وان كان لا يظهر أن له علاقة أكيدة باللقاح، فهده من القواعد الأساسية لليقظة الدوائية، ويجب تتبع هذه المعطيات عن كثب ومتابعتها، لكن دون تسرع في اتخاذ قرارات ربما لها مردودية سياسية وإعلامية بالنسبة لصناع القرار، ولكن ذات نتائج عكسية بالنسبة لصحة وحياة الناس.

الثلاثاء والخميس يجتمع خبراء الوكالة الأوروبية للأدوية ومنظمة الصحة العالمية لدراسة الموضوع من كل جوانبه وتقييم المعطيات العلمية واتخاذ القرارات والإرشادات الضرورية.

 *طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية