رأي

سعيد بنيس: بين الأدوات الميدانية ومآلات الكتابة

كفى بريس (فيسبوك)

يرتبط عمل الصحفي ارتباطا وثيقا بالسوسيولوجيا لا سيما أن هناك تداخل  في الأسئلة والإشكالات المتناولة من جهة وتشابه المقاربات والأدوات الميدانية المعتمدة من جهة أخرى. فيما يمت إلى الإشكالات فهي غالبا تتعلق بالديناميات المجتمعية في علاقتها بحقول بعينها كحقل السياسة والثقافة والاقتصاد والرياضة والفن وهذه الحقول مجتمعة يتم التعاطي معها من خلال منهجية وأدوات تعتمد في السوسيولوجيا من قبيل المقابلة والاستمارة والملاحظة بالمشاركة والانغماس وتحليل المضمون وجمع المعطيات الإحصائية وتحليل التقارير الدولية... من هذه الزاوية هل يمكن للتداخل والتشابه في المواضيع والمنهجية أن يفضي إلى توازي في الخطاب والتحليل ويأثر في مآلات الكتابة؟ 

للإجابة على هذا التساؤل من الضروري التمييز بين مستويين من الكتابة الأولى أكاديمية والثانية صحفية. فالأولى التي تتماشى مع السوسيولوجيا تقتفي المصادر والمراجع والإحالات في أفق التوصيف والفهم والتفسير والتأويل بالاعتماد على منهج ومنهجية وإطار نظري لضبط المسافة الموضوعية مع الاشكالية. أما الثانية فهي كتابة تروم تقديم وجهة نظر أواستكشاف آراء أو تقديم ومشاركة خبر من زاوية متفردة وذاتية بالارتكاز على منهجية تستمد أدواتها وتقنياتها من تموقع مجتمعي يفصح الصحفي على تلاوينه وأسلوبه وانسلاخه عن المألوف الخطابي من خلال اختياراته اللغوية والمعجمية والتركيبية.

انطلاقا من هذا التمييز يصبح لزاما على الصحفي موازنة الوظيفة الاختزالية للصحافة مع فاعلية وجدوى المنهجية السوسيولوجية للترافع عن القضايا والإقناع والتأثير في محيطه ومجتمعه ذلك لأن نجاعة الأدوات والآليات الموظفة في انتاج المادة الصحفية تمكن من تبديد الغموض الذي يمكن أن يحدثه عدم الالتزام بالمسافة الموضوعية اللازمة في فعل الكتابة.