رأي

محمد الدرويش: قرارات ذكية في زمن استثنائي وزمن التشتت

أنهت اللجنة الادارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي اليوم الأحد 21 فبراير 2021 ,اشغالها و ذلك باتخاذ القرارات التالية :

- الإبقاء على اللجنة الادارية مفتوحة .

- استئناف أشغالها حضوريا يوم 28 مارس 2021بالرباط .

- القيام بجولة وطنية لتأطير تجمعات جهوية و محلية من قبل أعضاء المكتب الوطني لطرح و مناقشة مشروع النظام الأساسي و الاصلاح البيداغوجي في إطار نظام الباشلور و المنظام الاداري المقترح و الملف المطلبي ...

وبذلك أبانت اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي عن وعي و ذكاء في التعامل مع التحامل غير المبرر ضدها من قبل البعض لأسباب غير نقابية ، كما أنها اكدت لمن يحتاج لذلك أنها استمرار طبيعي لتاريخ عطاءات وطنية ابتدأت منذ سنة 1960 و تحمل تدبير قضاياها رجال و نساء وطنيون أثبتوا كفاءاتهم النضالية و العلمية و الاخلاقية ، و بالمناسبة نذكر  اسماء الكتاب العامين لذات النقابة  و هي كما يلي الأساتذة عبد المالك طلال و عبد الرحمان القادري و مالك الجداوي و عبد الواحد الراضي ومحمد الشابي وعبد الرزاق الدواي والعايدي الحنبالي وعبد القادر باينة وادريس العراقي وحفيظ بوطالب و عبد الحق منطرش والبشير بنجيلالي والحسن سيعراب و فوزية اكديرة و محمد الدرويش وعبد الكريم مادون و جمال الصباني .

و قد كانت النقابة الوطنية للتعليم العالي دائما في الواجهة الاجتماعية و المهنية دفاعا عن اسرة التعليم العالي    ، و لا يمكن لكل أستاذ باحث الا أن يعتز بانتمائه لهذا الإطار ، لذا اوجه نداء لكل السيدات و السادة الأساتذة الباحثين بكل مؤسسات التعليم العالي إلى رص الصفوف و تعزيز الوحدة النقابية ضدا على التشتت الذي يهدف له البعض ، ليس بهاجس الدفاع عن المهنة و الأستاذ و لكن بسبب حقد دفين و مصالح ضيقة -يمكن العودة إليها بتفصيل - فالتعليم العالي المغربي لا يحتاج لتعدد النقابات إذ عدد الأساتذة به لا يتجاوز 14000 و الوزارة الوصية في مصلحتها التشتت و التعدد ليس دفاعا عن الدمقراطية بل رغبة في تمويه الحوار و تشتيت الجهود و عدم الاستجابة للملف المطلبي و ذلك بخلق التناقضات و المسافات بين المطالب ؛ فمرة تجتمع مع هاته النقابة و مرة اخرى مع تلك و تسلم معطيات لهاته و تصرح بقرارات لأخرى و هكذا يتم ربح الوقت و تشتيت الجهود ليتسنى لها وحدها اتخاذ القرارات بصفة فردية ؛ و هذا ما نلاحظه اليوم -مع كل اسف- إذ يقرر القطاع الوصي في عدة قضايا تهم التعليم العالي  دون الاستشارة مع أحد و الأغرب أن القرارات تتخذ في إطار غير قانوني ، بل استشاري في اصله ، و هو ندوة الرؤساء التي كانت في أصلها لقاء لتبادل الرأي و التجارب و الاستشارات فإذا بها تحولت مع الحكومة الحالية الى بنية مقررة دون سند قانوني ، أعود لأقول إن التعدد النقابي ليس في صالح جسم الأساتذة الباحثين و لا يمكن أن يخدم قضاياهم و ليس ديمقراطية كما يدعي البعض  ؛فنحن في التعليم العالي -قلال و ما فينا ما يتقسم -كما يقول ناس الغيوان ؛و أستدل على قولي هذا بما نعيشه اليوم في التعليم العالي و الحوارات الهشة بين ممثلي الأساتذة الباحثين و القطاع الوصي ،إذ نلاحظ ان الوزارة شكلت لجنة مشتركة مع النقابة الوطنية للتعليم العالي تضم في عضويتها أعضاء من المكتب الوطني و ممثلي القطاع  ينسق أشغالها باسم الوزارة السيد المفتش العام و شكلت لجنة مشتركة اخرى ترأس  السيد الوزير المنتدب عدة اجتماعات مع  نقابة أخرى كان آخرها يوم الاربعاء 16 فبراير 2021و حين نمعن النظر في مجريات الحوار الذي تشرف عليه الوزارة يتضح لنا أنها بصدد لعبة خبيثة ،إذ كيف يسلم الوزير المنتدب وثائق للثانية و تلتزم  اللجنة المشتركة بين النقابة الوطنية للتعليم العالي و الوزارة بأخلاق الحوار و بعدم إفشاء المداولات الى حين بلوغ الاتفاق النهائي ؟

الأمر الذي تسبب في ارتباك خطير بين السيدات و السادة الأساتذة الباحثين و خلق بلبلة في صفوفهم انتهت بالتشكيك في كل شيء بل بلغت حد التخوين و هذا امر غير طبيعي في مسارات الحوار الجدي و الرصين ، فالتعليم العالي لا يحتاج للعب " الصبيان "بل هو في حاجة الى الصوت الصادق و المخلص لقضايا المنظومة و الصريح في طرح أمورها لما للمنظومة من انتظارات الوطن برمته ،فليس من حق أي كان اضاعة الزمن و الوقت في الخزعبيلات و الاختلافات المفتعلة ،فهناك قضايا لا تحتاج إلى التأجيل لأن أغلبها معطل و في طريق غير صحيح ...

كانت هاته الخاطرة الأولى و سنعود الى قضايا  مشروع النظام الاساسي و مشروع نظام الباشلور و  مشروع المنظام الاداري و ما  تعرفه الجامعة المغربية من اختلالات في التسيير و التدبير و غيرها من قضايا منظومة التعليم العالي و البحث العلمي.  

*أستاذ التعليم العالي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي قبلا، رئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية و التكوين