تحليل

دولة العساكر ودُمى الإعلام

صلاح الدين الشنكيطي

لماذا تصر العسكرتارية الجزائرية على جعل المغرب جزءا من عقيدتها، وفزاعتها، وموضوعا للمعاداة؟ هل أخطأ المغرب في لحظة من اللحظات في حسن جواره، وأساء من حيث لا يدري لشقيقه الأوسط؟ أم أن عقدة التاريخ والجغرافيا والحضارة والامتداد والعلاقات المغذاة بعناصر التاريخ والأفق الواعد، هي التي تجعل دولة جديدة على المسرح الدولي فاقدة لما تقدم، هي المفسر للعداء ولدوافعه؟

تنسى العسكرتارية ودُماها الإعلامية، وواجهتها الصورية في الرئاسة والوزارة، أن مثل هذا الخطاب، المعادي دون مبرر، لا ينطلي على أحد، فعقود من التنشئة على العداء والكراهية، وعلى دعم غير مشروط لمليشيات مسلحة من مقدرات الدولة، لم تجعل الشعب الجزائري فاقدا للبوصلة، بل على العكس جعلته يوجه أسئلته لقضاياه الجوهرية في العيش الكريم، والمحاسبة ومصير إمكاناته المادية وعن حقوقه التي اغتصبت، وعن بلاده التي حرمت من ثروة النفط ورفاهه، وعن التسليح غير المبرر الذي يغذي خزانات الروس وغيرهم، في وقت لا يقدر فيه المواطن البسيط على اقتناء قفة الأسبوع…

تغار العسكرتارية من موقع ملك المغرب الفعلي والرمزي، وامتداد تأثيره في إفريقيا والعالم… وتغار الأحذية الثقيلة من النموذجي الديمقراطي الذي ترسى بناه على حدودها الغربية… تغار ساكنة الثكنات من صورة المغرب في إفريقيا، صورة البلد الواعد، الذي استثمر في البنى التحتية، والإنسان، وشمر على ساعده للحصول على شراكات وفق منطق رابح رابح… ويغار حملة السلاح، من انبهار الجزائريين بما يعرفه جارهم من تغيير شمل كل المجالات، فأصبح حديث الخاص والعام لديهم، ويكفي مراجعة فيديوهات “اليوتيوب” للتوقف عند الإعجاب الكبير الذي يحظى به المغرب لديهم…

تتمادى العسكرتارية، في عدائها للمغرب، كلما تمكن هذا الأخير من تحقيق إنجاز أو تجاوز لوضعية أريد له أن يحشر فيها، فقد حشدت أسلحتها في الماضي لتلصق بالمغرب وصف “الدولة المحتلة”، وتاجر “المخدرات”، وبمؤسساته أخس النعوت، بل وشن العسكر، من أعلى منابر الجمعة العدوان على المغرب وعقيدة أهله… ولأن المغرب لا يريد أن ينزل إلى درك الجاهلين، وجهلهم، ويمد يده دائما وأبدا للحوار وحسن الجوار وفتح الحدود… لم يجد العسكر بدا من مهاجمة رمز الدولة وقائدها، في وقت تمكن هذا الأخير من قيادة بلاده في ظرف دقيق أفرزته جائحة كورونا، ووفر لمواطنيه وللمقيمين لقاحا بالمجان، وأطر حملة تضامن وتكافل واسعة بينت مرة أخرى معدن المغاربة، معدن الصفاء الذي لا يصدأ…

بلادة السكرتاريا، أنها تقدم للمغاربة فرصا عديدة لإعادة إحياء وتجديد وطنيتهم، بالأمس الكركرات واليوم “فضيحة الشروق”، وتكشف للجزائريين، بلادة وسذاجة من يحكمون الجزائر ويقودونها إلى الهاوية، وإلى الإفلاس… إن العسكر يحكمون من وراء حجاب وهذا ليس سرا… ويولون من يديم وضعهم والوضع القاتل للبلاد والعباد… لا نستطيع أن نغير جيراننا، لأن ذلك من قدر الجغرافيا، ولا نستطيع أن نغير عقليتهم لأنها سر وجودهم، ولا نستطيع أن ندعو إلى الثورة والانقلاب عليهم، لأن ذلك ليس من شأننا ولأننا ثانيا نثق في يقظة الشعب الجزائري ووعيه وحسه الوطني…

يا قادة العسكرتارية الجدد، أنصتوا رحمكم الله، فما فشل فيه بومدين، لا يمكن أن ينجح فيه شنقريحة، الذي لا يحمل السعد والسعادة إلا في اسمه… والأيام بيننا…