رأي

نجيـب طلال: اندهاش إبَّـان الفاجعَـة ياطنجيس!!

في بعض الأحيان يتعامى المرء على أحداث تمر أمامه؛ إما سماعا أومشاهدة عبر القنوات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي أو معايشة وفي بلاده وليس الأمر فيه نـوع من اللامبالاة أو عدم الاهتمام بل المسألة  تعْـدو من زاوية نظر (عادية) رغم فداحة وجسامة ذاك الحدث أو غيره . لكن هناك أحداث تفرض إخراجك من قمم التعامي لواجهة البوح أو الصراخ أو الاستنكار أو للكتابة ؛ عربون تعبير عما يصيب النفس من تكهرب ؛ وبالتالي فسواء كانت الكتابة أو الصرخة أو الاستنكار... فالكل يندرج ضمن بصمة إدانة يعبر عنها اللسان أوالمداد المتفاعل مع جوارح الغضب ، أمام الحدث أو الخطب الجلل الذي وقع يومه ( الاثنين) طنجيس ! طنجيس التي  أمست أرملة الشمال - كناية - والتي ساهمت فيها بلاغة الكوارث التي تصيبها جراء زخات مطرية ، زخات أوعوا صف سيان، لأنها تكشف الوجه البشع والمتخفي في فستان العروسة ! وجه البشاعة يتكرر في كل لحظة وفي هاته اللحظة قالت طنجيس: لفيضانات كازابلانكا : رغم انهيار عدد من البنايات الآيلة للسقوط، ووقوع ضحايا في الأرواح ؛ وتلاعب الكراسي بالتصريحات ومواربة المؤخرات بين المصالح والمكاتب وتعنت شيخ القبيلة ضد جمهور الوداد وساكنة الرجاء البيضاوي...فحالتك أهون.

لأن ما وقع لكم سبق أن وقع لنا في أكتوبر 2008 فمنطقة مغوغة والسواني والعوامة... وأغلب المحطات الصناعية والأحياء المنحدرة بالمدينة ، شاهدة على حزن مطري؛ حزن طبيعي/ مجازي في الطبيعة ؛ لأن الأمطار إشارة خير، لإنعاش الأنام .

لكن بدل أن يتحول الحزن المطري بخيراته إلى انشراح وحبور ربيعي ؛ أمسى بالفعل حزن مادي ، فعال يكبد خسائر لا توصف؛ لأنها ليست مسؤولية الطبيعة بل مسؤولية من يتسابق نحو الكراسي ؟ وهاهي الكراسي كل سنة تنكشف أقنعتها ؛ لأن الفيضانات أمست مبعث قلق بتكرارها عدة مرات إلى 2019 تلك فيضانات بني مكادة ؛ فتم تخصيص حوالي 13 مليون درهم للحماية من الفيضانات بجهة طنجة حسب قصاصة (و.م.ع) بتاريخ 25 فبراير 2019 . فهل فعلا (صادق المجلس الإداري لوكالة الحوض المائي اللكوس، على تخصيص حوالي 12,5 مليون درهم، على مدى العامين المقبلين، للحماية من الفيضانات بعدد من المدن والتجمعات السكانية بجهة ....)؟ هذا السؤال فرضته طبيعة الفاجعة التي من الصعب نسيانها، فاجعة ليست سرية بل مكشوفة ومعروفة في فضاء طنجاوي ؛ وفي كل المعمور. بخلاف ذاك المعمل الذي قيل عنه (سري ) إنها تخرجة جاهزة الأبعاد؛ كأنها وصفة  (مشعوذ) لأننا أضحينا نثق بالسحرة والمشعوذين والعفاريت والتماسيح ؛ ولقد تم تصديقها في التو واللحظة؛ لأن الإعلام بكل أطيافه ؛ ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي؛ ركزوا على مفردة (( سري)) ولكن ما غاب عن بال من روجوها؛ فتلك الملابس وغيرها التي ينتجها ذاك المعمل السري؛ تباع سريا في سوق الجملة ؛ وتوزع بالتقسيط كذلك سريا ، ويلبسها الزبناء سريا ؛ هذا ما توصلت إليه أجهزة - الألفية الثالثة – ألفية تراكم في أرشيفها ومستنداتها أحداث كثيرة وفظيعة لا يمكن أن تنسى؛ من ذاكرة المواطنة (مثل) انهيار عمارة بمدينة فاس في أواخر شهر دجنبر 1999 مخلفة ( 47 قتيلا و 40 جريحا) ؟ فاجعة انهيار عمارة بالقنيطرة سنة 2008 بحيث خلفت (16 قتيلا و26 مصابا بجروح متفاوتة الخطورة ) ؟ مقتل ( 20 شخصا و18 في عداد المفقودين) في فيضانات جنوب المغرب  وخاصة مدينة كلميم سنة 2014 ؟ قتلى وجرحى إثر خروج قطار عن سكته شمال الرباط سنة 2018 إذ كان هناك مصرع (6  أشخاص وجرح 86 و9 حالات خطرة) وفق الحصيلة الرسمية  ؟ والبحث لا يزال جاريا عن ضحايا آخرين". حسب قصاصة الإعلام ( آنذاك) ؟ مصرع 9 أفراد جرفتهم فيضانات خلال متابعة مباراة كرة القدم جنوب البلاد وبالضبط ، في قـرية (تيزرت) بضواحي مدينة تارودانت سنة 2019 ؟ وهناك فواجع متعددة : فأصحاب الاختصاص يؤرخون لها .

ورغم ذلك لازال الفساد في تشييد بنيات، ومنشآت غير قانونية ؟  ولازال الغشّ في توزيع وبيع العقارات والبناء عليها، دون مراقبة لجودتها ؟ ولازال أيضا التدليس في سلامة اختيار موقع المباني ؟ ولازالت الكوارث تجرف الأخضر واليابس؟ فمن المسؤول عن ذلك : سؤال تكرر إلى حد الروتينية والملل المطلق؛ ونجد جوابا يحتاج لدراسات معمقة ورد في سنة 2014 من لدن وزير التجهيز والنقـل !  يقول: بأن "الخسائر الفادحة للفياضات لا يد للحكومة فيها" يد من هي المسؤولة هل الطبيعة أم حزن الأمطار أم المواطن ؟ فما وقع في القبو الذي قيل عنه (سري) مسؤولية من ؟ وهل حقيقة كان سريا ؟ لنؤمن بالرواية أنه فعلا كذلك ! فمن زود المعمل بالماء الشروب والكهرباء ؟ ومن سمح بإدخال آلات الخياطة والكي وغيرها  ؟ فمن أعطاهم صلاحية استعمال القبو سواء أكان ملكية أو كراء؟ هل العاملات والعمال أشباح ؟ هل هناك مفتشيه الشغل ؟ والأهم من كل هذا أين تلك النقابات التي تخترق المعامل والأوراش والمؤسسات لاستقطاب الزبائن ؟ وهل سيتـم تفعيل صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية، الذي أحدثته الحكومة وشرع في تمويله عبر اقتطاع من مساهمات التأمين ابتداء من شهر يناير 2020 ؟

في العرف والمتعارف عليه ؛ وبدون تخريجات وتصريحات نارية لبعض البرلمانيين؛ وبعض عشاق الكراسي و الفوطويات والبلاطوهات والميكروفونات...  ما دامت الصرامة غير واردة ولا متوفرة  قبل اليوم وغدا ؛ لمحاسبة  كل مسؤول مهما (كان)عن التدبير ومراقبة المجال الترابي والمحلي؛  وفي ظل عدم تفعيل مقتضيات القوانين الزجرية ومعاقبة الفاعل ومن ساهم أو شارك طبقا للفصل 50 . وهنا فالقانون الجنائي يحدد في بعض فصوله (وليس بشرط أن يكون الفاعل معلوما؛ بل يعاقب الشريك ولوكان الفاعل الأصلي مجهولا أو إذا كان قد توفى) فالامور ستبقى على حالها. لأن جوهر القضية ترتبط بحزن مطري يا طنجيس ؟؟ انتهى اللغـو، ومن لغــى فلا رأي لـــه ..