تحليل

التأطير السياسي وتوابع جيلالة بالنافخ!!

خليل البكراوي

لم يعد مقبولا أن نجد خيرة الشباب المغربي من حملة الشهادات الجامعية العليا، وفي مناصب المسؤولية في عدة مجالات ليس لديه وعيا سياسيا، وغير مؤطر حقوقيا وقانونيا(..)، مما يجعله فريسة سهلة الاصطياد، ويتقبل أي دغدغة لمشاعره وكأنها حقيقة ثابتة ويسلِّم بها.

لقد أصبح التأطير السياسي والنقابي اليوم أكثر من أي وقت مضى يفرض ذاته، والمسألة هنا في ذمة الأحزاب السياسية والنقابات، التي من المفترض أن تقوم بمهمتها، لكنها في المقابل تركت الساحة فارغة، وحصل بذلك هوّة وشرخا بينها وبين الشباب، وتركت المجال مفتوحا للحركات ذات المواقف الراديكالية التي تنهل من الفكر المتهالك، الذي انتهى زمنه، وسقط منذ سقوط جدار برلين وتفكك منظومة الاتحاد السوفياتي، إضافة إلى المواقف التي تستند مرجعيتها من الفكر الخرافي والرؤيا في المنام  وأحلام اليقظة!.

هذه الحركات(..)، تعمل على العبث بعقول الشباب، ويتم تقييدهم بأفكار لا علاقة لها بالواقع السياسي والاجتماعي والثقافي للبلد.

العتاب كله هنا ليس على هؤلاء الشباب الذي لا يتملك وعيا سياسيا وحقوقيا، وإنما العتاب كله على الأحزاب السياسية والنقابات التي تنصلّت من مسؤوليتها في هذا المجال، بقدرما تعتبرهم مجرد ورقة انتخابية، ورقم ضمن لائحة منخرطيها، مما جعل هؤلاء الشباب يفقدون الثقة(..)، وأصبح كل من دغدغ مشاعره بكلمات حالمة تبعه، معتقدا معه الحق والصواب كتوابع "جيلالة بالنافخ" إذا جاز التشبيه، رغم قساوته، لكن هذه هي الحقيقة، والحقيقة يجب أن تُقال على أي حال!!

الإشارة في هذا الباب ليس محاولة لقلب الطاولة على الأحزاب السياسية والنقابات والتنكُّر للجميل الذي قدمته لهذا البلد، ولكن هي محاولة فقط لتحريك المياة الآسنة، وحث هذه المؤسسات المدينة أن تضاعف من مجهودها في هذا الباب، والخروج عند الشباب، لا انتظار المجيء، وطرق أبواب مقراتهم.

إن كل من يؤمن بوجود المؤسسات، يؤمن كذلك أن قيم الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق الإنسان(..)، قيم تمر عبرها، لا من خارجها، وهذا هو الإصلاح الحقيقي الذي ينشده كل رجل حكيم وامرأة رشيدة في هذا البلد، وطبعا "إذا أصلح المرء ذاته،فإنه أصلح المجتمع" وفق فلسفة المعلم المصلح، والقائد الحكيم "مهاتما غاندي".