قضايا

عقدة فرنسية قديمة..

عبد العزيز المنيعي

المتأمل للإعلام الفرنسي يستغرب لحالة التيه الكبيرة والحيرة المتفاقمة، بعد اعتراف الولايات المتحدة الامريكية، رسميا، بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية..

فقد عادت وكالة أنبائها ، وقنواتها الفضائية الى ارتداء لباس العداء للمغرب، و لي يد الحقيقة.

ونشير هنا إلى وكالة الانباء الرسمية ( AFP)، فهي الوحيدة من بين وكالات الانباء العالمية، التي أفردت وتفرد الحيز الأكبر من قصاصاتها المطبوخة للمرتزقة ولدعاية النظام الجزائري، طبعا ليس حبا في الجزائر لكن حبا في العودة بالتاريخ إلى سابق المحميات، وفرض الوصاية على من لهم سيادة قراراتهم الوطنية منذ الازل مثل المغرب.

اخر بدعة للوكالة الفرنسية التي قيل والله أعلم إنها للأنباء، نشرها لخبر "القصف الوهمي" الذي روجت له الآلة الصدئة للمرتزقة ومعهم جنرالات قصر مرادية، بكثير من العناية في زرغ الألغام اللغوية والرسائل السياسية التي لم تعد مشفرة، فلغة فرنسا صارت غير مفهومة بالنسبة حتى لمواطنيها فبالاحرى بقية العالم.

عنوان "الخبر" يحمل الكثير من الضغينة السياسية والرغبة في إعادة العجلة الفرنسية إلى سكة التراكم التاريخي، وإذا أرادوا الحديث عن التاريخ فيكفي أن نمنحهم بعضا من صور المغاربة الذين قدموا أرواحهم لأجل الحرية في باريس وهي للإشارة شعارهم الوطني إلى اليوم.

نعود إلى عنوان "الخبر"، وهو بكل بساطة وسفاهة ("الجيش الصحراوي" يعلن قصف منطقة الكركرات والرباط تؤكد أن ما حصل “لم يُعطل حركة المرور)، وهنا انتهى الكلام بالفعل، وليس بالقول فقط، انتهت الجملة غير المفيدة وعلينا أن نصيغ بدلها جملة أخرى تفيد بأن فرنسا تسعى لشيء يشبه العجب في معركة تحاول أن تختلقها وتضع نفسها في الوسط من أجل تدبيرها.

في البداية علينا أن نعي جيدا، أن فرنسا وساسة فرنسا الحاليين، ليسوا في حالة مريحة أبدا، فالبساط من تحت أقدامهم قد سحب مند زمن و لا يمكن إعادته بأي حال من الأحوال، كما أن قضية الصحراء المغربية ليست ورقة تلعبها فرنسا او غيرها بل هي مصير امة تتشبث بثوابتها مهما كلف الامر.

والأكيد أن النجاحات المتتالية للمغرب في قضية الصحراء أثارت حنق ساسة قصر الإليزيه، ولم يكن احد يتصور أن تعتبر فرنسا اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة الكاملة للمغرب على أقاليمه الجنوبية، صفعة لها، لأن الكل يعلم أن النظام الجزائري بالفعل غرقت سفينة مؤامراته في بحر النجاح المغربي، اما فرنسا فتلك معادلة نفسية قبل أن تكون معادلة سياسية.

باختصار علينا أن نناقش سياسة فرنسا الحالية بخصوص قضية الصحراء المغربية من زاوية العقدة الاستعمارية التي لا زالت نغمتها "تطنطن" في رأسها، وذلك هو المسار الصحيح لمثل هذا النقاش اما خلاف ذلك فهو مجرد خوض في التفسيرات والتبريرات الواهية والواهمة.

بلغة مباشرة ودون تحليل وتمحيص ومناورة، فرنسا تريد  المغرب تابعا لها، والحال أن المغرب يستعصي على التاريخ، وليس على فرنسا فقط، واليوم يعيش المغرب في كنف قياد حكيمة ومتبصرة ومستقلة تماما عن الحسابات الخارجية لا وجود لحساب لدى الملك محمد السادس سوى حساب الوطن..