فن وإعلام

سفينة أخرى تُقْبِرُ أسماك بَحر الحُبّ

سعاد درير

كُلّ شيء جميل قد تَمحوه أنتَ مَحْوَ الريح لما خُطَّ على الرمال. أَتُصَدِّق يا صديقي أنها رمال الحُبّ الهارب من قميصه، أو لِنَقُل على وجه الالتباس إنه جسد الحُبّ، هذا الجسد المتعَب الذي أنهكته سِياط الحياة مع التعذيب في مستنقَع الظروف المأساوية التي يزجّ بكَ فيها الزواج؟!

ما أكثرهُنّ الهاربات من مُخَيَّم الحرية مع وقف التنفيذ! تلك هي الحرية التي قد يَحدث أن تَلفظ أنفاسها مع أول رَكلة تَشهدها الكرةُ المقذوفة في اتجاه اللارجعة.

كأن الزواج يُقْبِرُ أنفاسَ الحُبّ المتعَبة، كأنّ مسافةَ الاحترام تتقلَّص شيئا فشيئا في ظِلّ قَبضة يَد الرَّجُل الناسفة لإحساسك بوُجودك رغم وجودك، وكأنّ دَلو الحسرة والندم ما عاد يَكفي لِيُبَلِّلَ أسوارَ مدينةِ مزاجِك الراحلة عنه ضِياء المَرح والصِّبا الواعِد بِجَني تُفَّاحه قبل أوان نُضجه.

تُلَقِّنُك ضربةُ مطرقةِ الواقع ما لا يَليقُ بأَنْ يَتلقَّفَه سِندان، لِنَقُل إنه السندان الذي لا يَخرج عن بقايا إنسان بِقَدْر ما تَتمَدَّد الأرضُ الذي تَقِفُ عليها قَدَماه يَنْكَمِشُ هو انكماشَ فأرٍ يَتيم.

مساحاتُ الأمل يَصلبها الألم الحالِف ألاَّ يَرحل، مسافاتُ الأشواق تَأكلُها نارُ اليقين في دُنُوّ مَواعيد الرحيل العابر لِقارّات القلب المفجوع في انتكاساته، ورُمَّان الوُعود ما عاد يُغْرِي بِقَطف حبَّاتِه في ظِلّ تَلَكُّؤ حارِس مقبرة الحياة.

قد يَرْحمكِ النِّسيان يا عَيْنُ، يا عَيْنُ لا تَذْرِفِي دَمعةً ما عادَتْ تَعِدُ يَدُُ بِمَسْحِها على امْتِداد نَهر الوَجع ذاك الذي تَتَدَفَّقُ سُيُولُه مَطرا تُصَفِّقُ له أوتارُ بَحر الأمل الميِّت من العَين إلى العَين، لكن هَبِي حنجرةَ الكينونة الرافضة لانعتاقها شيئا من البَياض الذي يُكَفِّنُ صرخةَ الرغبة في حياةٍ ما عادَتْ تَرْغَبُ في صُنَّاعِها.