قضايا

مؤسسات أمنية برتبة مواطن شريف

عبد العزيز المنيعي

مما لا شك فيه اليوم، أن المغرب يتعرض لهجوم شرس وخبيث وحقير من طرف أعدائه المنتشرين هنا وهناك، بسبب وبدونه فقط من أجل عرقلة مسار ناجح ومتألق لمملكة الشمس.

ومما لا شك فيه أيضا، أن مغرب المؤسسات يعيش لحظته المتميزة بكل تأكيد، فكل واجهاته تعرف وثيرة الإشادة بها نموا متصعدا في محافل إقليمية ودولية، كما أنه بات الشريك الموثوق به على عدة أصعدة وأولها الصعيد الأمني الذي برهن من خلاله نساء ورجال الأمن الوطني بمختلف أسلاكه عن يقظة دائمة وتفاني كامل ومثابرة وانضباط.

وربما لأجل هذا ولأجل الكثير من المحطات الأخرى المتميزة، ينال المغرب حظه الوافر من الحقد الدفين الصادر عن أطراف لا تجد راحتها إلا في تشويه صورته النقية التي رسمتها انامل الحكمة والتبصر والعمل الدؤوب.

ومن كل هذا، تنتصب المؤسسات الأمنية الوطنية كعلامة فارقة في الزمن المغربي المستقر على رقم تجاوز توقعات الأعداء ليكون الرقم الأول في معادلة كل الدول دون استثناء.

وأهم هذه الأرقام في هذه المعادلة، هي المؤسسات الأمنية التي صارت وجه المغرب المشرف في مشارق الأرض ومغاربها، ومن شمالها إلى جنوبها، تلك المؤسسات صارت مرجعا في الحنكة والعطاء الرصين واليقظة المثالية، وهو ما أهلها لأن تكون محط ثقة هيئات دولية على أعلى مستوى.

كل هذا التألق، يقابله في الجهة الحاقدة تسارع الأكاذيب والترهات ومنطق الربح ولو على حساب الوطن، لذلك كان لزاما وضع حد لمثل هذه السلوكات المنحرفة والخائنة للبلاد والعباد، بشكاية قانونية ترفعها المؤسسات الأمنية الثلاث ضد هؤلاء.

لكن لنتوقف قليلا عند نقطة شكاية تتقدم بها مؤسسات أمنية بكل ما لها من وزن وحضور وقوة، لدى النيابة العامة من أجل رفع دعوى قضائية ضد أشخاص يقطنون خارج المغرب.

المسألة ليست عادية، فالإشارة الأولى التي نستشفها من هذه الخطوة، هو احتكام المؤسسات الأمنية إلى القانون واللجوء إليه لرفع الضرر الذي طال عناصرها وهم يمارسون مهامهم الأمنية بكل نبل وتفاني.

هي اللحظة التي تكرس سمو القانون أولا واحتكام الكل للقضاء، كفيصل يبت في كل القضايا والخلافات، حتى وإن كانت على أعلى مستوى، هي رسالة أساسية تمنح للمواطن اولا الثقة في مؤسساته كاملة، وتحيله على المصداقية القانونية التي تحكم دولة الحق والقانون.

ونعود هنا إلى البلاغ المشترك، الذي يفيد ما يلي: "تقدمت كل من المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والمديرية العامة للدراسات والمستندات بشكاية أمام النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالرباط، في مواجهة أشخاص يقطنون خارج المملكة، وذلك من أجل إهانة موظفين عموميين أثناء مزاولتهم لمهامهم، وإهانة هيئات منظمة والوشاية الكاذبة والتبليغ عن جرائم وهمية، وبث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة والتشهير."

ونضع المجهر هنا على هذه الفقرة الأساسية: "إن تقديم هذه الشكاية أمام السلطات القضائية المختصة، يأتي في إطار ممارسة حق التقاضي المكفول لهذه المؤسسات الأمنية، وفي نطاق تفعيل مبدأ “حماية الدولة” المكفول لموظفي الأمن جراء الاعتداءات اللفظية التي تطالهم بمناسبة مزاولتهم لمهامهم، وذلك نتيجة تواتر أفعال التشهير والإهانة والقذف المرتكبة من طرف الأشخاص المشتكى بهم."

الواضح والجلي من هذا التمحيص والتفحيص لهذه الفقرة، أن المؤسسات الأمنية الثلاث، لجأت إلى القضاء للمطالبة بحقها من جراء ما تعرضت له ومعها موظفيها من اعتداءات، ونقول هنا، أن شارة الشرطي أو المفتش أو الضابط السامي لم يعد لها وجود، هي حاضرة من أجل سريان الأمن والأمان، وليس من أجل أخذ الحق، لذلك فالاحتكام إلى القضاء، يعتبر إضاءة أخرى تنير درب هذه المؤسسات المواطنة.

وننتقل إلى الواجهة الحاقدة التي تسببت في تقديم الشكاية المذكورة، لنؤكد مثلما قلنا سابقا، ان الربح والخسارة بالنسبة للبعض يتمثل في الرصيد البنكي فقط، ولا وجود لشيء اسمه الانتماء أو المواطنة أو الغيرة، كل ما هناك هو الاغتناء ولو على ظهر الأمة ومؤسسات الأمة، ولو حتى باختلاق الأكاذيب والترهات المردود عليها بقوة الحقيقة.

هؤلاء المعنيين بأمر الشكاية الموضوعة ضدهم، ليسوا مجرد حثالة تقتات على فتات الموائد، إنهم حقراء من نوع خاص تعودوا الموائد الكبيرة والعامرة بالأكل الحرام، تعودوا ان يجلسوا أمام حواسيبهم وكاميراتهم الخفية والظاهرة، لتسريب المزيد من "الهضرة" عن وطن يعمل دون ثرثرة..

ونستحضر في هذا المقام، ما أكدته مصادر مطلعة، عندما تساءلت عن مستوى عيش هؤلاء، الذين يسبحون في "البذخ" وهل يوتيوب يكفي ليحقق مثل ذلك "النعيم" الزائل بكل تأكيد.

المغاربة جميع المغاربة اليوم، عليهم أن يقفوا وقفة واحدة كما هي عادتهم في مناصرة وطنهم ومؤسسات وطنهم، لأن الأمن جزء من يومياتنا ويوميات الأجيال المقبلة التي نفرش لها أرضية صلبة تبني عليها أفقها المغربي بمزيد من التألق والنجاح..