رأي

بلال مرميد: الجزائر.. وكالة رسمية لاختلاق الأنباء..

سيء أن تكذب الكذبة وتثق بها، والأسوأ أن تعبر للترويج لها وتقديمها للملايين في محاولة فاشلة لتخدير العقول. وكالة الأنباء الرسمية حاولت بدعم من رئاسة الجمهورية، أن تقول المستشارة الألمانية ما لم تقله بخصوص الوضع الصحي لعبد المجيد تبون. ألمانيا فضحت هفوة السيناريو، ورفضت دعم هذا الفيلم الفاشل.

لا نتوانى في إعطاء الدروس لكل المبتدئين في عالم الإعلام، ولا نمل من تذكيرهم بضرورة تفادي نشر الأخبار الزائفة. مع جيراننا في الجزائر، يشعر المتتبع أحيانا بالحيرة الممزوجة بكثير من دهشة، لأن وسائل الإعلام الرسمية هي المدعوة للالتزام بالمهنية، والنأي عن الترويج للشائعات واستغباء إخوتنا في الجزائر.

في الجزائر، وكالة الأنباء الرسمية هي التي تختلق الخبر وتروج للخبر الزائف على أعلى مستوى. لكي أكون واضحا أكثر كما هي عادتي في هذا الركن، من اللازم الإشارة منذ البدء بأن الأمر هنا أغرب و أخطر من مجرد نشر خبر زائف، بل باختلاق خبر من ألفه إلى يائه يخص الحالة الصحية للرئيس الجزائري.

أطلب من المتلقي أن يتابع معي بعضا من تفاصيل قد تيسر الفهم، رغم أن التصرفات الغريبة تدفع للاستياء ولا تحتاج أصلا للشرح. وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية نشرت قبل أسبوع خبرا تقول فيه بأن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بعثت برسالة للرئيس الجزائري المتواجد في ألمانيا لتلقي العلاج. بحسب الوكالة الرسمية، فالمستشارة الألمانية تعبر في الرسالة عن سعادتها بتعافيه وتماثله للشفاء بعد إصابته بفيروس كورونا. فيما بعد تحدثت الرئاسة الجزائرية عن الرسالة بنفس الطريقة التي جاءت بها الوكالة الرسمية، قبل أن يتحرك إعلاميون جزائريون للتحري والاستقصاء. الألمان كعادتهم، كانوا واضحين في تعقيبهم وأوضحوا بأن المستشارة الألمانية بعثت برسالة تتمنى له فيها الشفاء، ولم تتطرق نهائيا لمسألة تعافيه وشفائه لأن الأمر ليس من اختصاصها. بالكلام الواضح، هنا يتعلق الأمر باختلاق خبر، والترويج له. خبر زائف وتلفيق وكذب بحسب ما يستشف من هذه القصة، وبعيدا عن إعطاء دروس في المهنية لزملائنا في الجزائر، وجب فقط التذكير بأن كل إنسان يتوفر له قليل من ذكاء، سيتفطن إلى أنه في الأعراف الديبلوماسية يستحيل أن يكون بلد أجنبي سباقا للإفضاء بتعافي أو بمرض مسؤول بلد آخر. الألمان بالذات لا يمكنهم أن يرتكبوا هفوة من هذا القبيل، وبالتالي فوكالة الأنباء الرسمية الجزائرية والرئاسة هما العارفان بسبب تحوير مضمون رسالة ميركل، من متمنيات بالشفاء إلى تعبير عن السعادة بالشفاء والتعافي من الفيروس.

في ركن اليوم، تحدثت فقط عن الجانب المهني، وأتمنى للجميع الشفاء من كورونا، وأيضا من اختلاق الأخبار الزائفة والترويج لها. نعيش في القرن الحادي بعد العشرين، و ما زال هناك أناس يلجؤون لطرق بالية ومتجاوزة في نشر الإشاعة واختلاق الأخبار، وبالخصوص تقويل الناس ما لم ولن يقولوه. فرق كبير بين أن تتمنى الشفاء وبين التعبير عن السعادة بعد الشفاء، وفرق كبير بين المهنية واللامهنية، وفرق كبير بين الإخبار والاستغباء. وقانا الله وإياكم من كورونا ومن شر الضلال والبدع والبهتان، وآخر الكلام.. ميركل بريئة منكم ومن ادعاءاتكم، والسلام.

عن "ميدي 1 تيفي"