قضايا

أعطوا للجماعة قلما وورقة لعلها تكتب لنا شيئا عن الوطن

عبد العزيز المنيعي

بين عشية وضحاها، جف حبر الجماعة، وانكسرت أقلامها، وبترت الأصابع التي كانت تكتب وتكتب دون تأخر ودون كسل عن كل شيء، حتى سقوط "زقة" عصفور على رأس أحد الشيوخ كانت تشكل موضوعا لبيان أو بلاغ "ناري" ينتقد الدولة ويعيب على المخزن عدم توفير قبعة لمن تغوط عليه طائر.

اليوم وبعد الكركرات، الواقعة التي أسقطت الاقنعة عن المحنكين في التأويل والتلوين بالقلم الأسود، نمني النفس ولو بجملة واحدة في ورقة طويلة عريضة تقول أي شيء عن موقف الجماعة من الكركرات، ام أن رمال تندوف هبت على عيون لا تنام، فأغشتها وأصابتها بالعمى المؤقت إلى حين انقشاع اللحظة والخروج من منطقة الرمادية.

تمنينا لو عادت الجماعة لتصول وتجول وتقول وتغضب وتستنكر "البوليساريو"، مثلما كانت تفعل عند كل تفصيل صغير في يوميات المغاربة ودولة الأشراف..

وحتى لا نسيء الظن بالجماعة، لنعلن حسن النية ونفترض أن أقلامها جفت وحواسبها توقفت عن العمل، وكتبتها أصيبوا بالمرض وشيوخها يعطسون كثيرا على سجادة الاستغفار، والمريدون يهيمون في ملكوت الذكر... لنفترض ان الجماعة لم تصمت إلا للشديد القوي، لنفترض ذلك ولنهبّ جميعا لنهدي للجماعة حاسوبا وطابعة وبضعة أقلام وكثير من الاوراق حتى تقول لنا ما رأيها في واقعة الكركرات ونجاح المغرب في تنظيف المعبر، وما رأيها في انتكاسة المرتزقة ومعهم عسكر الجزائر..

لكن الحقيقة... أن الجماعة "بخير"، ولديها مواردها التي لا تنضب، وأقلامها التي لا "تنكسر" ومدادها الذي لا يجف، ورغم ذلك لم تقل ما يفترض قوله، ولم تنبض مع المغاربة بنض الوطن، بل اختارت الصمت ولاذت به واحتمت باللون الرمادي لا هي من هنا ولا من هناك..

الحقيقة أن الجماعة لا يمكنها أن تكون مع الوطن، لأنها ضده على طول الخط، هي ومن معها من يسار البؤس و"تجار حقوق الإنسان"، كلهم أجمعوا على أن قناعهم لا يمكن أن يصمد طويلا امام هبة الرجولة والوطنية التي ابان عنها المغاربة وعبورا عنها بالملموس وليس بالمرموز..