تحليل

برامج الأطفال والمنظومة القيمية

سعيد بنيس

ساد في الآونة الأخيرة، نقاش حول برنامج الأطفال، "l'école des fans"، الذي يبث على القناة الثانية، ويقدمه الكوميدي إيكو، بسبب محتواه وطبيعة الرسائل التي يمرر للأطفال، والتي وصفت بالسلبية.

يمكن تحديد الأدوار المنوطة ببرامج الأطفال في عصرنا الحالي على مراعاة أهداف بعينها تحاكي الخصوصيات الثقافية وترسخ مصفوفة القيم المرجعية داخل المجتمع، وتأطر تمظهرات العهد الرقمي الذي يتفاعل معها الأطفال.

للحديث عن أثر أي برنامج من برامج الأطفال، من الضروري الاطلاع  بالأساس على أهدافه، هل هي تعليمية، أم ترفيهية، أم ببداغوجية، لكن، في جميع الحالات فجل برامج الأطفال تبنى على تمرير القيم، وهذا ما هو معمول به في أغلب التجارب الدولية.

وحتى لو كان الهدف من البرنامج ترفيهي،  يجب أن يؤسس على قيم بذاتها  مثلا قيم الصداقة والنبل والالتزام والصدق  والتعدد، والتنوع الثقافي، والتسامح، والتعايش".

 يفترض في تنشيط هذه النوعية من البرامج الاعتماد على محترفين ، كما في تجربة "عمي ادريس" المغربية، مع الإشارة إلى أن البيئة الثقافية قد تغيرت مع مرور الزمن، وأضحت راهنية الانتقال من مجتمع التواصل إلى مجتمع الاتصال، الذي تحول معه الطفل من طفل تستهويه البرامج الواقعية إلى طفل مدمن على برامج ومشاهد ومواقع وألعاب رقمية تفرض منشطين محترفين وممارسين لبيداغوجيا الأطفال ولهم دراية وافرة بعوالم الأطفال الخاصة وتطلعاتهم المستقبلية.

لهذا يبدو من الضروري التقيد التام في برامج الأطفال بمصفوفة القيم المشتركة في المجتمع  مع ضرورة والزامية تزويد الطفل بالأفكار المثلى والتوجهات الإيجابية  والتنشئة المستدامة للاستجابة للمشروع المجتمعي المتوخى.

فمن المستحب إذن في البرامج الموجهة للأطفال المغاربة التركيز على تمرير رسائل راقية يفهم من خلالها الطفل جدوى وايجابيات الانتماء للوطن والاعتزاز بالتمغربيت، واعتبار هذا الأمر أسمى مكونات الهوية، كما يتوخى أن تربط أحلامه بوطن رحب تسود فيه الأخلاق والسلوكات الايجابية ، وتجدر الإشارة إلى أن أن برامج الأطفال في عدة تجارب أجنبية يكون الهدف منها هو أن ترسم للأطفال العالم  ب"لون وردي" يحتضن مجتمعا  بنفس وروح الايجابية.

انطلاقا من هذه المعطيات أضحت الحاجة ملحة على برامج الأطفال تجنب الانكباب وتناول الهوامش الضيقة للحياة المجتمعية  مثل (أش كيدير باباك وأش كتدير ماماك) في حين أن نفس الطفل الموجه له هذه البرنامج، يتلقى أفكارا مغايرة وأكثر عمقا في المدرسة ، في الوقت الذي يمكن للإعلام أن يحمله ويسافر به لعوالم وقيم تماثل في أهميتها وجدوتها القيم الملقنة في محاضن التربية والتنشئة لا سيما منها الأسرة والمدرسة.

*المقال مأخوذ من صفحة أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط، سعيد بنيس، بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.