رأي

سعيد الكحل: للوطن جيش يحميه

لم تكن عصابة البوليساريو وداعموها، خاصة الجزائر وجنوب إفريقيا، يتوقعون سرعة التدخل العسكري المغربي بكل احترافية ومهنية لتطهير معبر الڴرڴارات من قطاع الطرق، الذين وظفتهم العصابة الانفصالية لسد المعبر ومنع عبور السلع وتنقل الأشخاص ضدا على القوانين والاتفاقيات الدولية. تدخل حاسم وحازم استحق ويستحق كل الشكر والاعتزاز من مجموع الشعب المغربي، الذي يفتخر بمؤسسته العسكرية وعظيم تضحياتها من أجل الوطن والسلم العالمي وبسالة التصدي لكل مخططات أعداء وحدتنا الترابية. فالبوليساريو ومعها الجزائر لهما أهداف ومخططات تتجاوز إغلاق معبر الڴرڴارات إلى ما هو أبعد وأخطر .

1 ــ خلق وضع جديد في المنطقة العازلة يحولها إلى منطقة "محررَّة" تتحكم فيها عصابة البوليساريو، مما يفرض على الأمم المتحدة الحياد السلبي. الأمر الذي تستغله العصابة في إقامة مقرات إدارية كمقدمة لإنشاء مخيمات كما تفعل في منطقة تيفاريتي. إلا أن الموقع الاستراتيجي والحساس للڴرڴارات يجعلها في غاية الأهمية والخطورة قياسا إلى تيفاريتي.

2 ــ اختبار مدى حزم المغرب في التعامل مع استفزازات البوليساريو، التي وصلت حد الإغلاق التام لمعبر الڴرڴارات، الشريان الرئيسي للمعاملات التجارية بين المغرب وإفريقيا. هذه الاستفزازات التي بدأت بتنظيم مؤتمر البوليساريو بتيفاريتي، ثم امتدت إلى محاولات الإغلاق المؤقت لمعبر الڴرڴارات منذ 2016، لتنتهي بالإغلاق التام للمعبر. فكلما تعامل المغرب بحكمة مع مثل هذه الاستفزازات واحترم القانون الدولي توهمت العصابة بأنها تمتلك من "القوة" والبلطجة ما يسمح لها بالتصرف خارج القانون الدولي. فالمغرب، على مدى 5 سنوات، ظل يحمّل الأمم المتحدة مسؤوليتها الدولية في تثبيت وقف إطلاق النار، ومنع كل الاستفزازات التي تستهدف وحدته الترابية. لهذا تمادت العصابة في استفزازاتها حتى جاء الرد المغربي الحازم الذي لم يكتف فقط بتطهير معبر الڴرڴارات من عناصر البوليساريو، بل قرر تمديد الحزام الأمني إلى الحدود الموريتانية لإنهاء تسلل أفراد العصابة وعودتها ثانية إلى ممارسة الاستفزازات من جديد.

3 ــ السعي لقطع الشريان الاقتصادي والتجاري بين المغرب والدول الإفريقية، إذ يشكل معبر الڴرڴارات المنفذ البري الوحيد بين المغرب وموريتانيا، ومنها إلى باقي الدول، وعبره تمر البضائع والسلع. وإغلاقه يستهدف خنق الاقتصاد المغربي؛ وتلك سياسة اعتمدتها الجزائر منذ قرر المغرب استرجاع الأقاليم الجنوبية من قبضة الاستعمار الإسباني.

4 ــ التخطيط لإفشال استراتيجية المغرب الاقتصادية والتجارية والسياسية، المتمثلة في الانضمام إلى مجموعة دول غرب إفريقيا الاقتصادية، التي تفتح أمام المغرب سوقا مهمة وواعدة في القارة الإفريقية، خصوصا بعد فشل كل محاولات بناء الاتحاد المغاربي. استراتيجية مهمة تضمن للمغرب تأمين استقلالية اقتصاده وتفتح أمامه آفاق تطويره بالتعاون والتشارك مع الدول الإفريقية؛ الأمر الذي تعتبره الجزائر تهديدا لأطماعها الاقتصادية، وتقزيما لدورها الدبلوماسي في القارة، خصوصا أن المغرب يلعب دور حليف استراتيجي في محاربة الإرهاب الذي يهدد كل أوربا والمصالح الأمريكية، فضلا عن كونه يمثل عامل استقرار بالمنطقة بفضل نجاح وساطاته في حل كثير من الصراعات الداخلية أو البينية في غرب إفريقيا وجنوب الصحراء (ليبيا، مالي، كوت ديفوار..). وإغلاق معبر الڴرڴارات والتحكم فيه هو ضرب للتوجه الجيو استراتيجي للمغرب نحو العمق الإفريقي.

5 ــ التخطيط لإفشال مشروع إنجاز أنبوب الغاز الممتد من نيجيريا نحو أوربا، مرورا بإحدى عشرة دولة (بينين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا). وأهمية هذا المشروع تتجاوز تدفق الغاز إلى إعادة تشكيل تحالفات اقتصادية وسياسية بين مجموع هذه الدول، التي ستستفيد اقتصادياتها من إعادة الهيكلة والتطوير، مما يفتح آفاق التعاون والاستثمار أمام هذه المجموعة، خصوصا أن الجزائر تعتبر هذا المشروع تهديدا لمصالحها الاقتصادية، التي كانت ستحققها بإنجاز أنبوب الغاز، الذي كان مفترضا أن يمتد من نيجيريا إلى الجزائر عبر مالي نحو أوربا. وحتى تضمن الجزائر إفشال المشروع المغربي النيجيري، الذي تم التوقيع عليه في الرباط بين قائدي الدولتين في 15 يوليوز 2018، وبعد أن تأكدت من جديته، دفعت بعصابات البوليساريو إلى إغلاق المعبر كمقدمة للسيطرة على المنطقة العازلة حتى الشاطئ الأطلسي الذي سيمر منه أنبوب الغاز، مما سيمكّن الجزائر عبر البوليساريو من إقبار المشروع .

هذه هي خطط الجزائر وصنيعتها البوليساريو، التي كانت تسعى إلى تحقيقها من خلال إغلاق معبر الڴرڴارات وفرض الأمر الواقع على المغرب والأمم المتحدة ومجلس الأمن. لكن المغرب، وبفضل خبراته في إدارة الصراعات والتجربة الغنية التي راكمها الجيش عبر خوض حروب الصحراء والرمال وخبر تضاريسها، كانت ساعة واحدة كافية بالنسبة له لكسح مخلفات عصابة البوليساريو في المعبر بعد فرار عناصرها التي جبُنت أمام عزم الجيش وشدة حزمه .

كان الجيش المغربي وسيظل مفخرة الوطن، يدين له الشعب ويفخر بحماية ترابه وضمان أمنه وإحباط مخططات أعداء وحدتنا الترابية .