تحليل

ظاهرة "الويسترن" والانتخابات الأمريكية!

عبد اللطيف مجدوب

التقاط إشارات ذات دلالة

شهدت الانتخابات الرئاسية الأمريكية والولوج إلى البيت الأبيض نونبر 2020 سباقا محتدما بين أنصار الكتلتين؛ الجمهوريون بقيادة الرئيس دونالد ترامب، والديمقراطيون برئاسة المرشح جون بايدن، فقد كشف المركز الفيدرالي للنزاهة الانتخابية عن نسبة هي الأعلى في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من 100 سنة لمشاركة الناخبين في التصويت؛ حيث بلغ عدد أصوات الناخبين نحو 100 مليون ناخب، وقد كان الصراع على أشده بين أنصار المرشحين، استخدمت فيه الوسائل اللوجيستيكية الضخمة والبروباغاندا من كلا الطرفين رغم ما شابها من عنف لا سيما في صفوف أنصار المرشح الجمهوري ترامب.

كورونا والناخب الأمريكي

أجمع كل الخبراء ومراقبي سير الانتخابات، وكذا مؤسسات استطلاعات الرأي العام على أن وباء كورونا كان الممر الخفي، مكّن معظم الناخبين من منح أصواتهم إلى المرشح الديمقراطي جون بايدن الذي بنى حملته الانتخابية على إرادة وعزيمة قويتين للحد من هذا الوباء الذي ذهب ضحيته حتى الآن قرابة المليون أمريكي منذ تفشيه ببضعة أشهر، ناهيك عن تداعياته الاقتصادية والاجتماعية، فكان لشعاره أكبر الأثر في نفوس المواطنين الأمريكيين والمسنين منهم خاصة، ما دفعهم إلى الخروج عن بكرة أبيهم، قاصدين صناديق الاقتراع أو الإدلاء بأصواتهم عن طريق البريد، فالتغطية الصحية ما زالت الملف الساخن الذي يثار كل وقت وحين، وزاد أن حمله إلى الصدارة توجس المواطن الأمريكي من استمرار تفشي الفيروس وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية الكارثية.

كما دلت الإحصائيات؛ في حينه؛ على أن المرأة الأمريكية الناخبة سجلت أكبر المعدلات إقبالا على صناديق الاقتراع والتصويت عموما بنسبة تجاوزت %60 من مجموع الأصوات الناخبة، وهي إشارة قوية إلى الأمل الكبير الذي بدأ يحدوها للانعتاق من الظروف الصعبة التي فرضتها الإجراءات والتدابير الاحترازية للوقاية من الفيروس.

ظاهرة حمل السلاح لدى المواطن الأمريكي

من المعلوم أن تسمية Western تعود في أصولها إلى آلاف السكان الذين استوطنوا مروجا بغرب الولايات المتحدة الأمريكية في مستهل القرن التاسع عشر، كما تطلق أيضا على أفلام رعاة البقر "Cowboys" التي اشتهرت بها السينما الأمريكية في هذه الفترة، فكان مسموحا آنذاك لكل مواطن أمريكي بحمل السلاح، حتى أصبح تقليدا إلى اليوم، وإن كان وفق شروط أقرها الدستور الأمريكي سنة 2015 باعتباره حقا من حقوق المواطنة، وهو أمر متجذر في الثقافة الأمريكية.

لكن حمل المواطنين للسلاح؛ ومن خلال استجوابات بعضهم من لدن قنوات فضائية؛ يكشف أن هناك ثقافة راسخة بحق الحماية الفردية وحظر استعماله إلا لضرورة الدفاع عن النفس أو حماية الآخر، في حال تعذر حضور أمن الدولة الفيدرالي. وقد شاهد العالم أجمع؛ وهو يتتبع نتائج الانتخابات؛ مواطنين في مظاهرات صاخبة من أنصار المرشحين معا؛ يحملون أسلحة أوتوماتيكية وصدور بعضهم مدججة برشاشات وعلب الذخيرة.. يقفون بسلام جنبا إلى جنب مع مواطنين عزل ورجال أمن، وأصابعهم على الزناد، وكأنها حالة لاأمن في ظاهرها، لكنها في عمقها أمن اجتماعي إذا ما غاب الأمن الرسمي.