رأي

حنان رحاب: أمكراز أو وزير الشغل المكلف بالاتحاد الاشتراكي

يفترض في شخص الوزير أن يتحلى بأخلاقيات رجل الدولة، وأن يبتعد عن منطق "البوليميك" الذي قد يوقعه في الخلط بين المهام الوزارية وبين استغلال المنصب لتصفية حساب حزبي بأدوات وضعت في الأصل لخدمة المرفق العام..

وللأسف فالوزير الشاب أمكراز الذي كنا نعتقد أنه سيكون مثالا لثقافة سياسية جديدة، وفي رده على الأخ سعيد باعزيز خلال أشغال لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، أبان عن تحكم الحزبي في تدبيره للقطاع الذي يشرف عليه، مما جعله يسقط في اختبار التجرد.

فإذا كان البرلماني باعزيز قد ذكر وزير الشغل بحقيقة عدم تصريحه بمستخدمي مكتبه للمحاماة لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فإنه لم يقم سوى بواجب الرقابة التي هي من صميم عمل البرلماني..

إذ لا يعقل في أي وزير يحترم مقعده أن يدع أمرا مثل هذا يخدش مصداقيته قبل جلوسه على مقعد حكومي يفترض في الجالس عليه صفاء الذمم المالية والقانونية والأخلاقية.

ولو كنا أمام وزراء يحترمون كتلتهم الناخبة لسارع السيدان أمكراز والرميد للاستقالة بعد انكشاف أمر عدم التصريح بمستخدمين عندهم لدى cnss.

هذا أمر لا علاقة له بانتمائهما الحزبي، بل بصفتهما الوزارية.

الوزير أمكراز للأسف أمام هذا التذكير الموجع، حاول الهروب للأمام، بتحوير النقاش من إطاره الحكومي في علاقته بالبرلمان كأداة رقابة، إلى حقل الملاسنات الحزبية التي تضر بالمؤسسات والأحزاب في الوقت نفسه، وتجعل المواطن يعزف عنهما أكثر.

جواب الوزير (في الحقيقة اللاجواب) هو ادعاء أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لا يصرح بمستخدميه لدي  cnss، وهو ادعاء كاذب طبعا، اخترعه خيال قاصر أراد أن يلعب معنا لعبة : كلنا في عدم التصريح سواء.

هذا ما يدفعنا للحديث ولأول مرة عن أمر، كنا نربأ بأنفسنا إثارته.

لقد أرسل السيد الوزير في عز أزمة كورونا زيارة لمفتشي الشغل نحو مقراتنا ومكتب  المحاماة الخاص الكاتب الأول لحزبنا، ومقر جريدة حزبنا.

ففي شهر يونيو حين تفجرت البؤر الوبائية الصناعية اختار السيد الوزير أن يبعث مفتشيه إلى مكتب الأخ ادريس لشكر وإلى مقر الحزب الجهوي بالرباط بدل ان يقوموا بزيارات لتلك المصانع، ثم أعاد الكرة في أكتوبر، وهذه المرة بعث مفتشيه إلى المقر الوطني، ثم جريدة "الاتحاد الاشتراكي".

ورغم استغرابنا من توقيت هذه الزيارات وتواليها، وانشغال الوزير الشاب بحزبنا، تعاملنا بهدوء واحترام مادامت الزيارات مؤطرة قانونيا، وإن كانت لنا قراءة سياسية لهذا الاهتمام "والعاطفة" التي ظهرت فجأة عند الوزير تجاه مستخدمي الحزب والجريدة ومكتب كاتبنا الأول.

يعرف السيد أمكراز جيدا أن وضعية كل مستخدمينا قانونية لا من حيث التصريح بهم عند cnss, ولا من حيث انتظام أجورهم، وكذا استفادتهم من منح بمناسبة الأعياد الدينية والدخول المدرسي وعاشوراء ومنحة الشهر 13 و منحة العطلةً السنوية ، وكذا حقوقهم المرتبطة بالعطل والتغطية الصحية والتقاعد والتقاعد التكميلي..  وامتيازات أخرى نتحدى السيد الوزير أن تكون عند هيئة حزبية أخرى بما فيها حزبه.

غير أننا لن نستفيض فيما هو حزبي، الذي سنكتفي فيه بالقول للوزير البيجديستي : إذا كان بيتك من زجاج، فلا ترمي الناس بالحجارة..

وسنعود لما هو حكومي، لنبين لسى أمكراز أنه ارتكب ثلاثا من نواقض "الوضوء" في عمل رجل الدولة.

أولا: الانتقائية، بحيث استهدف إطارا حزبيا دون أحزاب أخرى،

ثانيا: الخلط بين المنصب الوزاري وبين "النضال" الحزبي،حين رد على سؤال برلماني وجه له بصفته الوزارية، رد بادعاءات كاذبة تمس الهيئة الحزبية لواضع السؤال،

ثالثا: وهذا هو الأخطر: استغلال المنصب الوزاري للبحث عن ثغرات محتملة لدى من يعتبره خصما سياسيا ولو أنه جزء من الأغلبية الحكومية، والأفظع أن يتم هذا في زمن الجائحة حيث كان على الوزير أن يستنفر قواه وقوى وزارته لمراقبة البؤر الوبائية في المعامل والضيعات، لا أن ينشغل بحزب تبين له أنه آخر من يمكن أن تعطى له دروس في وضعية مستخدميه القانونية.

وكتحد أخير:هل يستطيع الوزير أمكراز أن يكشف أمام المواطنين وضعيات مستخدمي كل مقرات الأحزاب، وكل مستخدمي الجرائد الحزبية، وكل مستخدمي مكاتب ومقاولات الأمناء العامين لكل الأحزاب،،

هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين..

*نائبة برلمانية عن الفريق الاتحادي