تحليل

التَّديُّن أمر محصور بين الخالق و المخلوق

أحمد الحطاب

ما دمنا لم نُدرك أن التدينَ أمر محصور بين الخالق و المخلوق، و أن هذا التدين يبقى اختيارا للمخلوق، فلا يجدر بنا أن ندَّعيَ أننا عقلاء.

مثل هذا التصرف مخالف للدين، لأن الله سبحانه و تعالى قال للرسول (ص) : "لستَ عليهم بمصيطر" (الغاشية،22). كما قال : "لا إكراه في الدين" (البقرة، 256).

هناك بعض الأشخاص يريدون بغير حق أن يكونوا أوصياء على الآخرين في تديُّنهم بحُجَّة أنهم أعلم وأفقه منهم.

مثل هؤلاء يظنون أنهم يتصرفون هكذا بوصاية من الله، بينما الله بريء منهم و لا حاجة له بهم لأنه مُنزَّه عنهم و كفيل بعباده و يهدي منهم مَن يشاء.

فإذا أوصى الله رسولَه (ص) بعدم التَّسلُّط على الناس ليجبرَهم على الدخول في الإسلام، و إذا كان الله سبحانه و تعالى، العزيز، الجبار، القوي، المتين لا يجبِر أحدا على الدخول في الدين، فكيف للعبد أن يتجاوزَ الإرادة الإلهية و يُنصِّب نفسَه ليُخيفَ الناسَ و يتوعَّدهم بالنار والعذاب الأليم؟ ما على الرسول إلا البلاغ و العبد له الاختيار.  

ولماذا حرية الاختيار؟

لأن الله فضَّل بني آدم على العالمين بمدَّهم بشيء غير موجود عند المخلوقات الأخرى، إنه العقل!

العقل الذي، بفضله، يميِّز بنو آدم بين الحق والباطل، وبين الشر والخير، و بين الطيب والخبيث، و بين العدل والظلم… و بما أن الدينَ واضح وضوح الشمس بأركانه، بفرائضه، بسننه، بقِيمِه، بأخلاقه، بمُعاملاته...، فالعقل هو الحَكَمُ.  

فمن يُنصِّب نفسَه وصيا متسلِّطا على الآخرين في تديُّنهم، فهذا نوع من قِصَرِ العقل و نوع من الاستعلاء الذي لا يُحبِّده الله، وأوصى نبيه و رسولَه أن يتجنَّبه.