رأي

خليل البكراوي: الشغيلة والنقابات وقصة الكلبة براقش !

الشغيلة والنقابات وقصة الكلبة براقش !
خليل البكراوي
تتساءل الشغيلة بمختلف أطيافها ومجال اشتغالها(..)، عن موقف النقابات اتجاه ما يقع، ولماذا غابت؟ واختفت مرافعتها عن حقوق الطبقة الشغلية، لكن هذا سؤال ساذج(..)؛ فالنقابات التي من الممكن أن تترافع عن قضايا الطبقة الهشة اجتماعيا، ولها ما يكفي من الأدوات القانونية في التفاوض والاعتراض، من داخل المؤسسات، تم تسفيهها وافراغها من أي محتوى، رغم الصلاحيات التي منحها لها دستور المملكة في سنة 2011.
 وفي المقابل تم تعويض النقابات كمؤسسات مدنية بحركات احتجاجية لا نعرف أصلها من فصلها، ولا من يتزعمها، حركات بانتماءات اديولوجية مزدوجة من أقصى اليمين المؤمن بالخرافة والكافر بالديمقراطية والتغيير من داخل المؤسسات المدنية(..)، إلى أقصى اليسار الراديكالي الذي يتقن فن الركوب على مطالب البسطاء لخدمة أجندات خاصة، ولا يؤمن لا بتعددية الرأي ولا بالاختلاف، وأهل الدار اعترفوا بذلك، بعدما قدموا استقالتهم.
قد يقول قائل: النقابات "باعت الماتش"!!.. لا أيها الرفيق، وأيتها الرفيقة، أنتم من "باع الماتش"، وغادر قاعة النقابة بدل تغيير النقابي الفاسد من داخل مقر النقابة، واتخذتم من الشارع ملاذا لكم، فالنقابة قبل كل شيء هي ملك للطبقة الشغيلة، وتم التفريط  فيه، ويجب استرجاعه عن طريق المشاركة الفعالة، والإيمان القوي بهذه المؤسسات المدنية، ومن يسعى إلى تبخيسها؛ فهو إما جاهل، أو له رغبة في جر الشغيلة إلى قضايا لا ناقة لها فيها، ولا جمل.
طبعا الناس أحرار فيما يفعلون، ولا يمكن ممارسة الوصاية على أحد، ولكن في المقابل يتحملون مسؤولية ما يفعلون أمام القانون التي نشأت على أسسه لبنات الدولة الحديثة، ولكن عندما يتعلق الأمر بقضايا مشتركة تهم الطبقة الشغيلة بشكل عام، يجب الوعي كل الوعي  بالطرق التي يجب سلكها لاسترجاع الحق، وعدم السماح لأي تيار كيفما كان نوعه أن يخترق هذه القضايا لخدمة مصالحه الخاصة، ويدخلها في متاهات في غنى عنها، ولهذا السبب دوما يجب ترك مسافة أمان من كل التيارات التي في ظاهرها تخدم قضايا الطبقة الشغيلة، وفي الجوهر تسيئ إليها.
وعلى ذكر التيارات التي تسيئ لقضايا الطبقة العاملة أكثر مما تخدمها، أستحضر مثل "جنت على أهلها براقش" وهو مثل عربي قديم تداوله العرب أيام الجاهلية، ولا زال يتناقل عبر الألسن، ومضمون المثل أن في زمن الجاهلية يحكى أن قبيلة دخلت في صراع مع قبيلة مجاورة لها، وبسبب ضعف عتاد القبيلة الثانية، قررت في خلسة من القبيلة الأولى الهروب ليلا، وعند مطلع الفجر قررت الاختباء في المغارة، وكان لهذه القبيلة كلبة إسمها براقش ذهبت مع أهل القبيلة، ومجرد ما علمت القبيلة الأولى بهذا الهروب، بدأ  رجالها في عملية البحث والتمشيط، فلم يجدوا لها أثرا يهتدوا إليه سوى نباح الكلبة براقش عليهم، فقال أحدهم: هذه الكلبة براقش، وهي ملك لأحد أفراد القبيلة الهاربة، وهكذا بسبب الكلبة، اهتدوا إلى مكان اختباء القبيلة الهاربة، وتم دحر أهلها في مكان الاختباء.
فرجاء لا تعودوا بنا إلى زمن الجاهلية وأيامها، وزمن الكلبة براقش التي جنت على أهلها، زمن لا مؤسسات فيه ولا قانون، يمكن أن نحتكم إليه كلما دعت الضرورة لذلك، فأنتم لا تدافعون عن قضايا الطبقة الشغيلة، بقدرما تسيؤون إليها.