تحليل

استباحة جيوب المغاربة!

عبد اللطيف مجدوب

ضريبة التضامن "  !!

في تصريح مثير للدهشة والاستنكار ، وفي معرض حديثه عن الخطوط العريضة للميزانية الجديدة 2021 ؛ أكد محمد بنشعبون وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة أن الحكومة ؛ وبمناسبة تقديمها لمشروع قانون المالية للسنة المالية 2021 ، وفي إطار حرصها على " الحد من آثار جائحة كورونا ؛ تنوي إقرار "ضريبة تضامنية جديدة " ، حددها في فئات وشركات وأشخاص ذاتيين .. وأضاف : "ستلجأ الحكومة إلى اقتطاع نسب مائوية من المداخيل والأجور ، تصل بين نصف يوم إلى ثلاثة أيام ، وزاد موضحا .." أن هذه المساهمة التضامنية ستمكن من تحصيل حوالي 5 مليارات من الدراهم ، ستخصص لدعم "صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي" . وجدير بالإشارة إلى أن حكومة البيجيدي هي أبرز الحكومات المغربية على الإطلاق اقتراضا وتنويعا لمصادره الشعبية والأجنبية ، وتخطط حاليا لاقتراض 5400 مليار سنتيم ..

الشعب بمثابة عجلة الاحتياط (السكور)

راهنت حكومات سابقة ؛ وعلى الأخص البيجيدية الحالية ؛ على اعتماد سياسة "التجويع" ومص دماء الشعب كلما بدا ضمور هيكل الاقتصاد الوطني بفعل جفاف مصادره أو ميله إلى الحافة ، فتبقي على تجميد الأجور والرفع من وتيرة الأسعار إلى سقف لا يطاق ، كما لاحظ المواطنون أن المستوى المعيش ارتفع ثلاثة أضعاف عما كان عليه قبل تفشي جائحة كورونا ؛ شمل كل المواد الاستهلاكية الأساس ، وفي آن انعدمت فيه بالكاد أدوار أجهزة المراقبة والزجر ، وحلت محلها المضاربات والاحتكارات المقنعة بفيروس كورونا .

تكميم الأفواه أمام تشديد الخناق الاقتصادي

لاحظ الرأي العام الوطني أن الحكومة أحيانا تغدق "خيراتها" بدون مقدار ، في شكل مساعدات مالية تحت عنوان "دعم" القطاعات الخاصة كالإعلام بشقيه الورقي واللإلكتروني ، بما فيه الجانب الفني ، وهي تعد بالفتات إذا قورنت بالإكراميات السمينة التي تذهب إلى القطاعات الوزارية ومديرياتها ، لكن وأمام هذا الكرم الحاتمي تظل أدوار مؤسسات البرلمان والأحزاب والنقابات في مراقبة ومساءلة العمل الحكومي هامشيا وصوريا ، وبالتالي تبقى معاناة المواطن سيدة الموقف في المشهد السياسي العام ، في وقت تتبجح فيه الحكومة بصرف "إعانات استثنائية" للطبقات الشغيلة الأكثر تضررا من آثار الجائحة ، وهي لا تعدو ؛ في عمومها ؛ مبالغ مالية زهيدة تحضر شهرا لتغيب شهرين أو أكثر .

ولنا في الحكومات المجاورة أفضل مثال

بالرغم من شدة وطأة فيروس كورونا وعصفه بكثير من التوازنات الاقتصادية في معظم بلدان العالم ؛ ظلت قوى شعوبها متماسكة إزاء اهتزازات الأسعار ، فلم تجرؤ حكومة غربية أو مشرقية إطلاقا على مس القدرة الشرائية العامة ، بل خصصت صناديق ليس بغرض إروائها بدماء شعوبها ولكن أساسا لدعم القدرة الشرائية للمواطنين تمول من المداخيل العامة للحكومة ، لإعانة شرائح المجتمع الأكثر تضررا من تبعات وتداعيات الوباء العالمي كوفيد ـ 19 ، والحيلولة دون ارتفاع معدلات البطالة ، رغم أن اقتصاديات هذه الدول تراعي ؛ في توازناتها المالية ؛ هذه الشريحة وتخصص لها نسبا مائوية من ميزانياتها تقتص من الضرائب العامة ، وليس من جيوب المواطنين كما اشتهرت به حكومتنا الموقرة .