على باب الله

حتى ولو أصبح الطفل عدنان "طائرا في الجنة" ...

المصطفى كنيت

لا نريد أن يصبح عدنان طائرا من طيور الجنة، بل أن يظل "شيطانا" صغيرا من شياطين الدنيا، يلعب ويلهو ويمرح مع أقرانه، يكسر الأواني المنزلية، ويلقي النفايات الصلبة في صندوق القمامة، ويعود ملطخ الملابس بعد مباراة في كرة القدم أو مخدوش الوجه بعد معركة صغيرة مع الأطفال...

يغمر البيت بالفرحة عندما ينجح، أو ينشر سحابة حزن عند السقوط، تبيت أمه عند رأسه كلما داهمته الحمى، ويقيس والده درجة حرارته و ينقله على عجل إلى أقرب مستوصف، وليس إلى المقبرة...

أليس المال والبنون زينة الحياة الدنيا...

كنا نريد أن يبقى عدنان بيننا، فلن تسعف كل الدعوات والابتهالات في تضميد حرج غائر في قلب مكلوم، ليس قلب أمه أو أبيه فقط، و إنما قلوب كل المغاربة، الذي صدمهم "النبأ العظيم"، وكادت الساعة تقوم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لتفضح كل هذه القسوة، التي تربت بين أحضاننا، وجعلت البعض يقوى على هتك أعراض الصغار، بلا شفقة و لا رحمة، ويسفك  دم طفل، بدم بارد، ويقطع الجثة...

سفاح طنجة، سبقه سفاح تارودانت...

ثمة خلل ما ينمو ويكبر ويزدهر لن يوقفه نصب مقاصل الإعدام في الساحات العمومية، بل إعادة الاعتبار للتربية والقيم التي ظلت، دائما، تحمي الصغار، من نزوات المرضى والمعتوهين، من باب الدار إلى راس الدرب وإلى الفران و إلى الحمام وباب المدرسة...

قيم وفضاءات لم تعد تجد من يحميها، بعد أن تعاظمت "الفردانية"، وتحلل الناس من أي التزام إزاء الجيران والحومة والقرية والمدينة، وأصبحوا شاخصي العيون في صفحات "الفايسبوك"، من دون أدنى اهتمام بالأطفال الذين يلعبون في الزنفة أو الالتفات إليهم، إلى أن صدموا وهم يطالعون بلاغ المصالح الأمنية، ويقيموا مناحة على ذات الصفحات.

منهم من كتب إن عدنان سيصبح طائرا من طيور الجنة... لكنه نسي أن أبويه سيعيشان في الجحيم.

بعد يوم أو يومين ستختفي صورة عدنان من صفحات "الفايسبوك"، وستظهر صور أخرى وأحداث أخرى، وسيظل عدنان في قلب والده وقلب والدته فقط، المنهكين بالحزن حتى الثمالة، ولن يخفف من لوعتهما، طبعا، لا حكم بالمؤبد ولا حكم بالإعدام...