رأي

ادريس الروخ: نحن المغرب

لسنا بحاجة لان نبرهن لأحد ( كيفما كان ) عن وطنيتنا وحبنا الكبير والعميق والشاسع للمغرب .. فنحن واحد ، قطعة واحدة ممتلئة بتاريخ حافل من الذكريات .. ترتع في سهل خصب من الحب .. ونغرف شربة ماء زلال من عين تفيض حنين .. ونرتشف كأس أيامنا بحلوها ومرها ، بسعادتها وتعاستها .. في دائرة ضوء تبرز حقيقة كل واحد منا .. فنحن المغرب والمغرب هو النحن .. لوحة فنية معلقة في قلوبنا .. تحرسها في كل حين .. نرتوي بجمال وسحر ما بداخلها ونتمتع بانسجام ألوانها .. ونرقص مع تموجات اشكالها الهندسية .. انها قصة عشق من الزمن الاول .. كتب تفاصيلها وأحداثها نساء ورجال احرار .. يؤمنون بأن الحياة في كنف وطن اصيل ليس بالأمر الهين .. فقصص الحب دائما تكون مروعة ، مخيفة ، مليئة بالصراع .. الم يقال ان حياة العشاق ان كانت هادئة فهي مملة ومونوطونية وتبعث على القلق ، اليس بين العاشق والمعشوق دقات قلب متسارعة ، وانحباس في التنفس ، وعرق يتصبب ، اليس الحب مرادف لألم داخلي به مزيج من مشاعر الفرح والقرح وسؤال الما سيحدث ؟

اننا نحن ابناء هذا الوطن نحبه بكل سلبياته ، نغوص في مشاكله لانها منا والينا ، نلتحم بها لأننا من سلالة ابطال الأطلس والريف وقبائل الصحراء المغربية ..اننا من سهول عبدة ودكالة وأراضي زعير  وشياضمة و ويسلان و القبائل الزناتية وعرب هلال والمعقل ..الخ

اننا رحلة تمتد على مساحة البحر الأبيض المتوسط وطول المحيط الأطلسي .. نبحر في اوضاعنا ونختلف حول ما يحدث بداخل بيتنا الكبير او نتفق او نغضب او ننتقد او نتساءل او نساءل او نسأل .. الخ

نشعر بالقلق تارة و بالضيق والانكسار .. نحبط في أحلامنا وتتبخر امانينا .. نفشل مرات كثيرة ، ونيأس في كل محطة نرغب في ركوب قطارها .. وتارة اخرى ننعم بريح البحر تنعش اجسادنا .. ننام في هدوء تحث أشعة شمس الربيع .. نقوي المناعة بداخلنا .. نستمتع بحياة آمنة نضحك ونسعد ونعمل ونخلق أجواءنا الخاصة مع من يشبهوننا في التفكير.. من لهم عمق في النظر الى المستقبل ..

هي هكذا حياتنا في بلدنا بين زائد وناقص .. بين حياة وموت .. بين دموع فرح ودموع قرح .. بين ان تكون او لا تكون .. تصارع طواحين الهواء وطواحين السياسة وطواحين الحقد وطواحين الكراهية وطواحين الدين .. نصارع اشباح الماضي المرير .. ونعانق أمل الخروج من عنق الزجاجة .. لننطلق في فضاء يتسع لنا جميعًا .. فضاء يقبل اختلافنا .. ويقبل انسجامنا  .. يتلون بانفتاحنا على بعضنا البعض .. ويتعطر بعطر التسامح وقبول الاخر ..

نحن هنا في زمنا هذا وفي مكاننا هذا تختلط جميعا في دائرة ضوئنا .. وننشد جميعا نشيد الاستمرار في الخلف والبناء كلا بطريقته وكلا بقناعته وكلا بمدى قدرته على مواصلة المشوار .. كلا بما لديه من افكار .. نمضي جميعا لهدف واحد: هو الوطن.

لسنا بحاجة ان نتعلم حبه من احد او من جهة فكيمياء العشق بداخلنا يحيلنا على الانصهار في المستقبل .. نحن جميع من اجل المستقبل ، أطفالا كنا ، رجالا ونساءا أصبحنا ، شيوخا صرنا ، نحن وشم في عمق ذاكرة المغربي القح فينا .. نحن جميعا اسم واحد المغرب نحن المغرب .

*نص تدوينة نشرها الفنان ادريس الروخ على صفحته في موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك.