قضايا

كعكة ضباط الكهرباء

عبد العزيز المنيعي

الفضل كل الفضل في عودة الروح إلى مدرجات الاحزاب، وارتفاع اصوتها يعود بالأساس إلى محطة "مهمة" و"أساسية جدا"، تتعلق بكعكة ضباط الكهرباء إن صح التعبير.
هذه الكعكة التي تم "السطو" على توزيعها دون مراجعة ودون أدنى شرط من شروط "الخجل" السياسي، إن وجد، ودون استناد إلى ما يقوله الدستور سيد القوانين ومنبع اجتهاداتها..
لكننا في مقابل خسارة الأحزاب "لقطعة من الكعكة"، ربحنا مشهدا حزبيا متحركا كنا نخال جائحة كورونا قد نالت منه وأصابته بالصمت المطبق..
فطيلة البيات "الكوروني"، كانت الأحزاب أو بعضها حتى لا نسقط في متاهة التعميم، مادامت هناك استثناءات بكل تأكيد في مشهدنا الحزبي... قلنا إنه طيلة البيات "الكوروني"، كانت أحزاب تسير "جنب الحيط"، تتقي شر الدخول في حسابات الجائحة، واكتفت بتنظيم لقاءات عن بعد، وندوات افتراضية وإصدار بلاغات رقمية تنوه أو تنتقد حسب النية السياسية لكل حزب.
لكن فجأة تعالت أصوات هذه أحزاب ونالت نصيبها من العناوين الرئيسية للمنابر الإعلامية، وصارت بلاغاتها أكثر حركة وأكثر دينامية وأكثر تشبثا بروح الدستور ومحتوى القوانين المنظمة لسير البلاد والعباد.
لا حاجة طبعا إلى الحديث عن السبب، فحلاوة الكعكة أخرجت لعاب الشبعان قبل الجائع، وأخرجت مخالب المسالم قبل المحارب، والاهم أعادت المشهد الحزبي إلى سابق نبضه قبل أن يطل السيد كورونا المحترم ويفرض شروطه القاسية على الجميع.
طبعا للأحزاب كل الحق في انتقاد طريقة تقسيم "كعكة" مناصب الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، فقد كانت قسمة "ضيزى" كما قالت الأعراب في وقت سابق، ويحضرني هنا مشهد من فيلم عربي قديم يعود إلى بداية الثمانينيات عن الجاهلية وما رافقها من كر وفر وسبي وتوزيع للغنائم والجواري.
المشهد يحكي عن سبي ثلاث نساء من طرف قبيلة، فقام أحد "المحاربين" بتوزيعن حسب ما تمليه شروط "العدل"، فقال هذه لك وأشار للزعيم، وهذه له وأشار لنائبه وهذه لي وأشار لنفسه.
انتفض الزعيم وكشر عن أنيابه وقال هذه قسمة ضيزى يا هذا، فأعاد "المحارب" كل شيء إلى البداية وأشار إلى الزعيم وقال، هذه لك في الصباح وهذه لك في الظهيرة وهذه لك في المساء..
لكن السؤال، هل سيعيد كل من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين توزيع القسمة، حتى لا يغضب أكثر من زعيم؟
وهل يليق التشبيه في هذا المقام؟
 نقول ربما، لكن القسمة "العادلة" في توزيع الكعكة على أهل العشيرة والمقربين، سبقت القسمة "الضيزى" وليتها كانت بالمقلوب..
المهم أمام هذا المصاب "الريعي" الجلل، نشكر الكعكة التي أعادت لنا مشهدنا الحزبي، ونشكرها بحرارة على قدرتها العجيبة في إيقاظ الجميع من السبات "الكوروني"... فنحن أهل لكل كر وفر خاصة إذا تعلق الامر بالكعك... وما أحلى الكعك في ليالي كورونا المرعبة والمقفرة..