رأي

حفيظ الزهري: انتخابات 2021 وصناعة العدو الوهمي

المشهد السياسي المغربي عامة والحزبي على الخصوص يعيش على ظاهرة العدو الوهمي إن وجد وإن لم يوجد يتم صناعته في ظل غياب مشاريع سياسية إجتماعية لهذه الأحزاب .. وهي سياسة نجح فيها حزب العدالة والتنمية الذي يتقن فن المظلومية وأسقط في فخه حزب الأصالة والمعاصرة الذي كان بمثابة القنطرة التي عبر بها البيجيدي إلى الحكم لولايتين دون برامج إقتصادية واضحة ، حيث إن عدنا إلى حصيلة المنجزات على أرض الواقع وعلاقتها بالبرنامج الإنتخابي لإخوان الخطيب سيكتشف المتتبع ان أهم هذه المنجزات هي ترويض البام، وهذا الأمر ليس في صالح العدالة والتنمية لأن العيش بدون عدو بمثابة العيش بدون اكسجين.
نزول البام من حلبة الصراع مع البيجيدي جعل الأخير يبحث عن عدو وهمي بديل يكون قابل للعب دور الغول المخيف والمهدد للديمقراطية، وهذه المواصفات غير متوفرة في أحزابنا اليوم بحكم ضعفها وشيخوخة هياكلها، لكن ذكاء العدالة والتنمية وحاجته لأكسجين العدو الوهمي وسذاجة التجمع الوطني للأحرار استطاعوا استدراج الأخير إلى حلبة صراع غير متكافئة بحكم وجود أرض خصبة قابلة للإستغلال السياسي من طرفهم، وهي قيادة حزبية سقطت في فخ تكرار تجربة الأصالة والمعاصرة، في الوقت الذي كان بإمكان التجمعيين نقل المعركة إلى ميدانهم وهو استغلال انجازات وزرائهم مع التدبير الحسن لتسويقها ميدانيا، وتقوية الجبهة الداخلية، لكن ما حصل هو العكس، حيث ظهرت القوة والآلة الشبابية والتنظيمية لحزب العدالة والتنمية  التي رفعت من سقف المواجهة عبر قصف أبرز قادة حزب الحمامة حيث تم قص جناحه لتعود الحمامة إلى عشها باحثة عن سلم منشود.
لكن السؤال المطروح هل يستطيع العدالة والتنمية أن يذهب لانتخابات 2021 بدون عدو وهمي؟
في ظل الوضعية الحالية التي يمر منها المشهد الحزبي المغربي فقد يحرم هذا الحزب هذه المرة من عدو ، ربما قد يعود لخطاب التحكم والتماسيح والعفاريت وهو خطاب "الحجاية" الذي نجح في ممارسته على الخصوص عبد الإله بنكيران.
حزب الاستقلال يقوم بعمل كبير ميدانيا وفي صمت وهدوء ربما قد يكون المفاجأة المنتظرة، حيث اختارت قيادته فن المغازلة عوض المواجهة مع حزب العدالة والتنمية وبذلك قطعت الطريق على أي محاولة للاستثمار في صناعته اوتحويله لعدو مستقبلي ليصبح حصان طروادة الانتخاب المقبلة رغم أن التحالف بين الحزبين ممكن لوجود مشترك بينهما كمحافظين.
فشل البيجيدي في صناعة عدو وهمي قد يؤدي لفشل محتوم في الانتخابات المقبلة والتي ستجرى في يوم واحد مما قد يقلص من قوتها الانتخابية، وبالتالي نهاية السيطرة على المشهد السياسي لولايتين.
صناعة العدو الوهمي سياسية يتم اللجوء إليها لتصريف الأزمات في زمن تغيب او يفشل في إيجاد حلول لهذه الأزمات، ولا أحد ينكر أن هناك ازمة بفعل تداعيات فيروس كورونا اقتصاديا او إجتماعيا.. على بلادنا.
كما أن العديد من الدول ولتصريف أزماتها الداخلية تلجأ لصناعة عدو وهمي لتوجيه الرأي العام نحوه عوض الازمة الداخلية وهو ما تحاول الجزائر القيام به كلما عاشت ازمة داخلية إلا ولجأ نظامها العسكري إلى شماعة العدو المغربي لتصريف أزماتها الداخلية.
فهل ستجود علينا السماء بعدو وهمي ينقذ العدالة والتنمية من حساب انتخابات 2021 ؟ أم أن مختبرات البيجيديين قادرة على صناعة عدو جديد مهما كانت الظروف لما لهم من إمكانيات وتجربة ميدانية في هذه الصناعة؟
*حفيظ الزهري: باحث في العلوم السياسية