قضايا

بين صحافة "المخزن" وصحافة "المخنز"... الفرق في الإيمان بالوطن والحقيقة

عبد العزيز المنيعي

عند كل مرة يسقط فيها بيدق في رقعة شطرنج الخيانة، تصرخ باقي البيادق وتحتج وتطالب بتوقيف "الفرشة" وإبعاد صحافة الحقيقة وكف يد "المخزن" عنها..
طبعا نحن هنا امام ظاهرة انهزامية لا أقل ولا أكثر، وإدّعاء المظلومية لا يعني أبدا أن المدّعي مظلوم بالفعل فلدينا في موروثنا العامي ما يكفي لنعرف من "ضربني وبكى وسبقني وشكا"..
لكن لنبدأ من البداية، من بيان "مانفستو"، و"الحملة" البئيسة ضد ما سميت بصحافة التشهير، وهي الوجه الاخر للنعت الذي يلاحق صحافة الحقيقة بكونها صحافة المخزن.
وللأمانة التاريخية، كم من صحافي مغربي شريف وعفيف يسره كثيرا أن يكون من صحافة المخزن، على أن يكون من صحافة "المخنز". على الأقل سيضمن عدم خيانة وطنه وبيعه لأول تاجر أفكار ومعلومات يمر من درب الموقع أو الجريدة... على الأقل صحافة المخزن تؤمن بأن المغرب ليس "بزولة" للإنتهاز، على الأقل صحافي المخزن لا يهاب أن يجد نفسه في جلسة خمرية وقد مد يده على حرمة صديقه أو زميله وقام بإغتصابها..
على الأقل وهذا هو المهم، صحافي "المخزن" لن يساوم الوطن بالأورو أو أي عملة أخرى كبر شانها أو صغر، صحافي "المخزن" يحفظ الثوابت في قلبه قبل عقله وفي قناعاته قبل قلمه... هذا، إن كان المخزن في حاجة إلى صحافي لينوب عنه في الكتابة والتعبير طبعا..
مناسبة هذا الإنزال الصادق، في أرض بيادق تجار حقوق الإنسان، هي تلك الأصوات التي تعالت بعد اعتقال الصحافي المتدرب عمر الراضي، بتهم أكبر من حلمه، وأثقل من ظله الذي يمشي به فوق أرض الأشراف... تهم يندى لها الجبين في زمن عاد فيه التائهون إلى حضن أوطانهم، ورجع الضالون إلى جادة السبيل..
للإشارة هنا، لم يعتقل الصحافي المتدرب المذكور، إلا بعد جلسات استجواب ماراطونية خاضتها عناصر الشرطة القضائية في الدار البيضاء، كانت نتيجتها أن هذا الشخص يجب أن يحاكم بأدلة دامغة منها التخابر وبيع معلومات الوطن، ومنها حتى الاغتصاب، وعلينا أن نذكر هنا أن الإقدام على الاغتصاب من شيمة المخبرين الذين يكون حاجز الأخلاق لديهم قد انهار بعد أول عملية بيع وشراء..
ولن نلوك في أفواهنا ردودا مجانية على بيادق حقوق الإنسان وحرية التعبير، ونقول إن "المخزن لا ينطق عن الهوى"، إن هي إلا دلائل وحجج تلمع في ظلمة النفوس الحقيرة..