تحليل

حديث "الحشمة والاستجمام" في زمن النضال ضد كورونا

عبد العزيز المنيعي

خرجت حركة "التوحيد والإصلاح"، بتصريحات جديدة تهم العطلة والاستجمام في فصل الصيف، وأصدرت "نصائحها" المتعلقة باللباس و"الاحتشام" وما إلى ذلك، دون أن تهتم ولو قليلا بما يشغل المغاربة حقيقة في هذا الظرف الصعب المتسم بهيمنة فيروس كورونا على المخاوف الصحية، وسيطرة تداعيات الجائحة على قدرات الأسر في مواجهة اليومي قبل التفكير في الاستجمام.
وحسب نائب رئيس حركة "التوحيد والإصلاح"، فإن الاستمتاع بالعطلة الصيفية يجب أن يكون دون تجاوز حدود الحياء التي "أمر الله بها الرجال والنساء على حد سواء".
بمعنى أن الحركة تهتم للمغاربة، في ما يخص اللباس و"الحشمة"، ولم تهتم طيلة مرحلة مواجهة فيروس كورونا بحاجياتهم، التي عملت الدولة على توفيرها بما تيسر، حيث مكن دعم صندوق مواجهة كورونا من تجاوز المحنة بالنسبة لآلاف الأسر المغربية.
كما أن خرجة الحركة، تأتي بعد نشر المندوبية السامية للتخطيط، نتائج بحث وطني حول تطور سلوك المغاربة تجاه جائحة "كورونا".
وأكدت النتائج أن 7 أسر من أصل 10، لا تعتزم السفر خلال العطلة الصفية، بعد إنتهاء فترة الطوارئ الصحية، وعزت المندوبية أسباب هذا الإحجام، إلى قلة الإمكانيات كسبب أول، ثم الخوف من العدوى كسبب ثاني.
ما يعني أن انشغال المغاربة، بكورونا اكثر من انشغالهم بعورات بعضهم، ولا مكان للحديث عن الاستجمام في وسط موجة من الخوف، التي كانت ستكون أكثر حدة لولا قدرة الدولة المغربية على مواجهة الفيروس صحيا واجتماعيا واقتصاديا..
كل هذه المعطيات الأساسية، لم تأخذها حركة "التوحيد الإصلاح" بعين الإعتبار، بل واصلت "نصائحها" وفتواها الصيفية، مؤكدة "أن الاستجمام في الشواطئ والمنتجعات والفضاءات السياحية أمر مباح شريطة ألا يقع الناس في قلة الحياء، عن طريق تخفيف اللباس إلى درجة العري "المذموم".
وكالعادة، تحدث نائب رئيس الحركة، عن التبرج وربطه بالجاهلية مستشهدا بآية من القرآن الكريم، مؤكدا أن الإسلام حدد للمرأة لباس الحياء "يصون كرامتها ويدفع عنها السفهاء، وزوال خلق الحياء هلاك للعباد".
وفي وصايا الحركة كل الممنوعات، وحتى استنكار مظاهر الإختلاط بين الشبان والفتيات والنساء والرجال، وهي عودة "عجيبة" لحديث الفصل بين الذكور والإناث، في عز التباعد الإجتماعي..
وتوج نائب رئيس الحركة المذكورة، "فتواه" بالقول "لا نريد أن نكون أمة يغلب عليها الفسوق، فيدمرها الله بالأوبئة"، ليعيد من جديد جدل "جند السماء" التي سبق أن أثار موضوعها رئيس الحركة في تصريحات سابقة.
والعبرة في النهاية، أن الحركة لم "تستحيي"  من أن تحدث المغاربة عن الاستجمام و"الفسوق" و"الحشمة" وما جاورها من "مناكر"، واكبر منكر يمكن أن نراه هو مثل هذه التصريحات..