قضايا

النزاع في التعليم الخاص: نقطة إلى السطر

هشام التواتي

ماذا لو لم تصب جائحة كورونا العالم في ذلك التوقيت بالضبط؟ ما الذي كان سيحدث لو استمرت الدراسة حضوريا بالمدرسة المغربية، عمومية كانت أم خاصة؟

هل كان من الضروري أن يحدث كل هذا التشنج بين مجموعة من أولياء أمور التلاميذ ومؤسسات التعليم الخاص حيث يدرس أبناؤهم وبناتهم؟

هل يعقل أن يحدث هذا الإنزلاق السريع فتتعمق الهوة لنصل إلى هذا الحد؟ إلى هذا المستوى؟

جائحة كورونا أفقدت الجميع الهدوء وضبط النفس و"اتساع الخاطر"، لتنطلق التصريحات والتصريحات المضادة، والربورطاجات والربورطاجات المعاكسة...فأصبح الإخوة أعداء وتناسى الجميع الروابط الوثيقة التي كانت تميز في الغالب علاقة الآباء والأمهات بمدارسهم الخاصة. وزاغ القطار عن سكته في لمح البصر. 

هل هناك وقت لتدارك ذلك؟

هل نسي الكل أنه خلال بضعة أسابيع ستكون العودة إلى الصفوف، فكيف يا ترى ستكون العلاقة بين الطرفين؟

هل استشير التلاميذ في هذا الصراع؟ مارأيهم في كل هذا الجدل؟ هل من السهل تغيير مؤسساتهم التي كانت بالأمس القريب منبع ذكرياتهم؟

الآباء وأرباب المدارس الخاصة معذور كلاهما. لكل دفوعاته وأسبابه وحتى التزاماته.

لقد كان على الحكومة التدخل للجلوس مع أرباب المدارس الخاصة لبحث كيفية التدابير الواجب اتخاذها من أجل التخفيف كليا أو جزئيا من كلفة واجبات التمدرس خلال الشهور المتبقية على عاتق الآباء من الموسم الدراسي.

كان ينبغي على آباء وأولياء التلاميذ وأرباب المدارس الخاصة أن يتكلما بنفس اللغة وبأن يضما صوتيهما لبعضهما البعض، فكلاهما متضرر، كل من زاويته.

فالهدف بالنسبة للآباء يتمثل في التخفيض كليا أو جزئيا من كلفة تمدرس أبنائهم بالقطاع الخاص.

والمدارس الخاصة متضررة بالنظر لالتزاماتها تجاه قروضها لفائدة البنوك وتجاه أطرها ومستخدميها بكل فئاتهم عبر كتلة الأجور الواجب توفيرها عند نهاية كل شهر.

فتقديم الحكومة لتحفيزات ضريبية لأرباب المؤسسات الخاصة كان سينهي حتما هذا الإحتقان بعيدا عن جيوب الآباء ودون الإضرار كثيرا بتوازنات هاته المقاولات التربوية.

عموما، فقد تنبه الآباء وأرباب المدارس الخاصة إلى عمق المشكل، واستطاعوا تجاوزه، وتعهد أرباب المؤسسات لدى مدراء الأكاديميات بضمان الإستمرارية البيداغوجية إلى نهاية السنة الدراسية وإلى المحافظة على الروابط المتينة التي كانت تجمعهم بالآباء ضمانا لتوفير الشروط التربوية السليمة للتلاميذ. 

كما أن المدارس الخاصة التزمت بالجلوس مع كل أب تلميذ أو تلميذة لدراسة حالته وبحث سبل معالجتها عبر التخفيض من قيمة الواجب الشهري أو الإعفاء منه. 

وبهذا تكون المدارس الخاصة قد أغلقت نهائيا قوس التوثر مع الآباء خلال فترة الطوارئ الصحية، وتستعد في ذات الوقت، لتدبير امتحانات السنة الثانية بكالوريا في غضون أسبوعين، وإلى الإستعداد للدخول التربوي المقبل.

إن كورونا بتداعياتها المتعددة على مجموعة من القطاعات، سيجتاز المغاربة محنتها بمزيد من الهدوء وضبط للنفس وتطلع نحو مستقبل مزدهر لأبنائهم وبناتهم بفضل تعليم قوي، في بيئة جيدة ومحيط تربوي مضبوط، يسهر على توفير الأمن والأمان لهم.

ما أسهل التغيير. لكن هل سنلقى نفس الظروف التربوية؟  هل من السهل  ربط علاقات جديدة مع العلم أن أبناءنا مشتاقون لإحياء ذكريات وعادات تخلوا عنها مجبرين بسبب الجائحة؟