على باب الله

شوف مع المقدم

المصطفى كنيت

وضعت الإعانات الغذائية التي قامت الجماعات المحلية بشرائها، بناء على دورية لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، لمساعدة الأسر المتضررة من تداعيات "كورونا"، أعوان السلطة وجها لوجه مع المواطنين، رغم أن قوائم المستفيدين تم "طبخها" في مكاتب رؤساء الجماعات، بمعرفة المنتخبين، لكن سرعان ما تبرؤوا منها كلما ظهرت احتجاجات.

لقد اقتصر دور المقدمين، في الغالب، على توصيل تلك المساعدات بعد أن تسلموا اللائحة، التي تحكمت في إعدادها، في كثير من الحالات، خلفيات انتخابية، وبالتالي لم يحقق قرار الداخلية "إبعاد" المنتخبين من العملية، مبتغاه، بل كانت له نتائج عكسية.

لقد استعمل المنتخبون خطابا مزدوجا في التعامل مع المواطنين، فهم يهمسون في آذان المستفيدين: " أنا لي قيدتك" و يصرخون في وجه المستبعدين: "شوف مع المقدم".

ولقد ترتب عن هذا الوضع ما يلي:

أولا: إلحاق ضرر كبير بـ "صورة" عون السلطة، ويكفي قراءة التدوينات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تحمّل أعوان السلطة، المسؤولية الكاملة في حرمان أُسر من الدعم الغذائي.

ثانيا: أن المنتخب، الذي أشرف على وضع اللوائح، خاصة في البوادي، ألقى بالجمرة، كلها، في حجر أعوان السلطة ليحترقوا بها، و نفض يديه من أية مسؤولية أمام الذين لم يتوصلوا بالمساعدات.

ثالثا: في بعض الحالات القليلة، حصل اتفاق بين المنتخب وعون السلطة من أجل البحث عن التوازن في توزيع الدعم الغذائي، مادام عدد القفف أقل بكثير من عدد الأسر، خاصة وأن الجميع، في العالم القروي، متضرر من  الجائحة، بسبب تداعيات سنتين متواليتين من الجفاف.

 ولتفادي هذا "المأزق" وتصحيحه، كان لا بد  من إفهام المتضررين، أن مهمة السلطات المحلية، الإشراف على التوزيع، وليس حرمان المواطنين من "الإعانة"، كما يظهر لهم اليوم، وأن الدعم المالي للقطاع غير المهيكل المخصص لأرباب الأسر الحاملين لـ "الرميد" وغير الحاملين للبطاقة، لن تستفيد منه كل الأسر، وذلك لتبديد الاعتقاد الذي تكوّن لدى الكثير منهم من خلال ما تبثه القنوات التلفزية من وصلات، وهو ما جعل الناس تخرج للاحتجاج في الكثير من القرى، رغم أن العمل في الأنشطة الزراعية تواصل، وتم استثناء القطاع الفلاحي من توقيف دورة الإنتاج.

و لتفادي سوء الفهم أيضا، كان من الممكن أن تشرح لجنة اليقظة للمواطنين أن بطاقة "الرميد" ليست عنوانا للفقر، لأنها تضمن التغطية الصحية عن المرض للمواطنين  الذين لا يتوفرون على أية نظام للتغطية، الذين يعملون في القطاع غير المهيكل، وتقنن الوصول إلى العلاج في قطاع الصحة العمومية، لا أقل ولا أكثر.

لقد أظهر التعامل مع الجائحة بعض الثقوب، ولكنه وفرّ أيضا الشروط لسدها مادامت وزارة الاقتصاد والمالية أصبحت تتوفر على قاعدة بيانات تهم كل الموطنين، الذي تقدموا بطلبات الدعم، ما سيسهل إخراج السجل الاجتماعي لحيز الوجود.

لكن سيكون على وزارة الداخلية أن ترمم صورة أعوانها، حتى لا تتعرض للمزيد من "الإساءة".