رأي

ميلود العضراوي: الأسماء وتداعياتها

ما زلت لم أع جيدا كيف تم اتخاذ قرار تعيين أسماء رجال دين نكر من بلاد أجنبية، وإطلاقها على أزقة بعض المدن المغربية، فهؤلاء الشيوخ معروفون بتوجههم الديني المتشدد ومواقفهم التكفيرية ورفضهم للحداثة والديمقراطية والعلم (بمعنى العلم)، فكيف يتم القبول بهم علامات ورموز ثقافية وتاريخية وأثرية للمكان والمعمار في بلد حداثي ديمقراطي علماني التوجه؟
أي خلايا هاته تشتغل في خفاء لتدمر عن سبق إصرار وترصد ثقافتنا وارثنا الحضاري؟
ما مصدر العبقرية التي تفتقت من أحكامها فكرة أطلاق اسماء دعاة العنف والطائفية على أمكنة وأزقة بعض مدننا؟ لماذا جيء بهؤلاء من قلب صحراء الحجاز، ليصبحوا معالم يهتدي بها الناس في بلادنا، ويتحولوا من هامش المجتمع المتخلف إلى معالم يقتدي بها التائه ويستنير بها الغريب ويجد بها المتسائل ضالته؟
إن من قام بهذا العمل يستحق في نظري أن يخضع للاختبار، اختبار النوايا الحسنة والسياسة معا واختبار الإيمان بوطنه وتاريخه وتراثه وحضارته ونخبه الفكرية والعلمية وأسمائها التي تشرف بها الوطن وأبناء الوطن.
أليست لنا أسماء لها باع في المعرفة والعلوم والفكر والثقافة والإبداع والاختراع؟ أليست أرضنا محطة للذكاء وحقلا خصبا للفكر والمعرفة، أرض نمت في تربتها العقول النيرة وازهرت في حياضها المعارف والأفكار منذ قرون ولا تزال، فأين حقها من الاعتراف والتقدير؟
أ أسماء دخيلة على ثقافتنا وتاريخنا وتراتنا، محملة بالجهل والخرافة والغيبيات؛ هي من تحمل مشعل الانوار إلى أجيالنا القادمة؟ ما لكم كيف تحكمون؟
أ أسماء نكر مدفوعة خارج بوابة العقل والمعرفة والتنوير، هي من تحمل تراثنا وثقافتنا للأجيال؟ كيف نتجانس مع من يحمل التشدد والانغلاق الحضاري في ثقافته وفكره؟ كيف نتقارب مع من ينشد والتباعد والاختلاف والكراهية، وينتصر للعنف والعصبية الدينية، فمالكم كيف تحكمون؟
فكيف نفسر هذا التحدي الأعمى ونجد له تبريرا مقبولا؟
نعم أزيلت اللوحات التي تحمل أسماء الدخلاء، ولكن هل سترعوي إرادة الضلال والتضليل في بث الرعب المعنوي بيننا مرة اخرى؟
الذي لا شك فيه هو أننا لن نصمت ولن نتخلى عن نصرة توجهنا الحداثي الديمقراطي ضد نزعات الجمود والتخلف والتجهيل والخرافة أيا كان مصدرها.
إن شيوخ السلفية أين ما كانوا لا يمثلون إسلامنا المعتدل الوسطي الذي ورثناه عن أجدادنا وأسلافنا منذ قرون. ولن نستسلم لأي عمل تخريبي من هذا النوع الهدف منه تشويه ثقافة التنوع والتسامح الديني التي طبعت علاقاتنا الاجتماعية والثقافية والتاريخية. لن نترك فرصة لأنصار المذهب الأصولي التكفيري، أن يغزوا عقول ناشئتنا وأجيالنا، فما داخل هذا المذهب الاستئصالي مجتمعا من المجتمعات إلا تحول إلى بؤرة للصراع الطائفي العقدي وحلبة للقتل والدمار والموت..
والأمثلة أمامنا كثير...
فاتقوا الله فينا وفي بلادنا وفي استقرارها وفي وحدة عقيدتها...