على باب الله

لي رد طرشتو على عام ازرب

المصطفى كنيت

انقلب بعض الأستاذة الجامعيين الذين حللوا قانون 20 ـ 22 على المشروع  بمجرد ما تسربت بعض مواده، أظن أسوأ مواده.

و لا نقصد هنا التحليل، الذين يخوض في كل أمور السياسة والأوبئة وكرة القدم، و يحسب  حفر "الكولف" و نقط "تنس الطاولة"، بل نقصد  التحليل بالمعنى الشعبي المتداول، في باديتنا المغربية. حيث يتم تحليل البهائم بذبحها وهي في لحظة احتضار لتزكية أكل لحمها، سواء أكانت منطوحة أو متردية، والحمد لله أن أسد الأطلس انقرض حتى لا تفترس أنيابهم حتى ما عاف من جثث.

و لذلك، لا غرابة، أن تتبرأ الأحزاب السياسية من هذا المشروع، أغلبية ومعارضة، وأن تسحب يدها من المائدة التي حللها محللو السياسة قبل أن يحرمها فقهاء المقاصد، بعد أن تحوّل "الكتف" إلى عظم، يكدده حزب الاتحاد الاشتراكي لوحده، بعد أن حملوا كل الوزر إلى وزير العدل، محمد بنعبدالقادر،  وحده، رغم أن مسطرة إعداد القوانين تخضع للتشاور بين كل القطاعات المعنية، إلا إذا كانت حكومة العثماني عطلت هذه الآلية، واعتبرت المشروع، الذي صادقت عليه في مجلس حكومي، صدر عقبه بلاغ رسمي، مجرد مسودة.

فهنيئا لنا بحكومة تدرس المسودات، وتسرب المسودات،  و أحجمت على وضع هذه المسودة في البوابة الرسمية للأمانة العامة للحكومة، التي لا يخرج منها قانون إلا بعد أن يعبر من الصراط المستقيم.

و قبل أن تزف الحكومة هذا المشروع إلى البرلمان،  تم تسريب بعض مواده... مادتان أو ثلاثة.

طبعا، التسريب كان مقصودا، وتم اختزاله في "التحريض" وبصمات الإعجاب، و يندرج في سياق حملة انتخابية لإضعاف عزيز أخنوش، الذي استهدفت المقاطعة شركته "إفريقيا" قبل سنتين، وبرز وزراء حزبه ( التجمع الوطني للأحرار) في الحرب على "كورونا" ( بنشهبون و العلمي)، وهو ما يفسر خروج مصطفى الرميد ليعلن تحفظه على المشروع/ المسودة وملاحظاته عليه، وسط تحوّل عجيب للرأي العام من التركيز على "كورونا" إلى التركيز على الحق في "حرية التعبير"، هذا في وقت تواصل فيه كتائب البيجيدي ( المحسوبة على بنكيران أساسا) في الفايسبوك ويوتوب ممارسة السب والشتم والمس بأعراض الناس.

لقد تعامل الرميد، بذكاء، مع "الهدية"، التي قدمها له الاتحاد الاشتراكي، و ها هو يطحن سياسيا، الوزير الوحيد الذي تبقى من الحزب في الحكومة، بعد أن قلّص التعديل الحكومي الأخير حقائبه إلى واحدة، وهو بذلك يرد الصاع صاعين للكاتب الأول لحزب القوات الشعبية، إدرس لشكر، الذي دخل الحكومة من نافذة العثماني بعد أن رفض بنكيران إدخاله من الباب، و يرد الضربة لأخنوش  الذي فرض "الاتحاد الاشتراكي" كمكوّن أساسي في الأغلبية:" إلى بغيتو الرويضة الدور"، وبمنطق: " ولو طارت معزة".

لكن الرميد أحد صقور العدالة والتنمية، يعرف كيف يصرف ليس الانفعالات ( لأنه منفعل باستمرار) ولكن الضربات، معتمدا في ذلك على حكمة من صميم البداوة المغربية: " لي رد طرشتو على عام ازرب".