رأي

البصير الخلدوني: "التعليم عن بعد".. هل يزيد من الفروقات بين المتعلمين

رفع فيروس كورونا أسهم التواصل والعمل المؤسساتي الالكتروني إلى درجة غير مسبوقة بين دول العالم. بدأ العمل عبر "الأون لاين" في مجال التربية ثم انتقل إلى قطاعات إنتاجية استراتيجية للدول وأخيرا،وليس آخرا،إلى الحكومات الالكترونية...
قد تكون الغاية من وراء فكرة "التعليم عن بعد"، البقاء على التواصل بين المتعلم والنظام المدرسي بكل عناصره. لم تكن هذه الغاية بالأمر السهل والمتناول في اليد في الواقع الحقيقي، فكيف في الواقع الافتراضي؟ لا شك أن معظم المربين والمهتمين بالمسألة التعليمية والتربوية قد يرون في هذا التساؤل مجرد رأس جبل الجليد للمنظومة التعليميةـ التعلمية والتربوية بالمغرب.أمر ثاني، ومن خلال التجربة المتواضعة، ليس هناك ما يجعل المرء يطمئن إلى ما إذا كان "التعليم عن بعد" يحقق عملية التحفيز الذهني والفكري للمتعلم والطالب كما إمكانية حصولها بنسبة مهمة، منها، بالفصل الدراسي(العلبة السوداء)، وعملية التحفيز تلك، تخلق أنشطة عقلية في علاقة مع البرنامج الدراسي، في تفاعلاتها مع باقي المكونات الصفية(المدرس+المتعلم+الوثيقة المعتمدة) وبالتالي تتعمق تلك التعلمات عند المتعلم أكثر،حسب ظروف كل عملية تربوية وحسب كل صف.  
لإنجاح المهمة، من الضروري وضع المتعلمين/الطلاب في علاقة فيما بينهم ثم إمكان توجيههم عن بعد، بامتلاك قدرات الاحتواء الذاتي، والدخول في مناقشة بين أعضاء المجموعة فيما بينهم لمسألة ما، في أي مادة دراسية، بعدها يتدخل الأستاذ مثلا. إن أي عملية تعليميةـ تعلمية بدون تغذية راجعة عند نهايتها، فهي عملية ناقصة، إن لم نقل فاشلة.
في غياب استراتيجية تربوية استباقية للوزارة الوصية، خاصة في المجال التربوي الذي لا يقبل الارتجالية والمفاجأة. من الصعب عقد أي آمال على ما يتم التعويل عليه من "تعليم عن بعد". إن أي عملية تربوية، يحتاج فيها المتعلم إلى التواصل مع زملائه، فهي ضرورة لازمة في أي عمل دراسي... إضافة إلى ذلك، إن البيداغوجيا ليست عبارة عن تجاور للأوراق التربوية. وإنما هي كلية لمجموعة من القدرات والمهارات والعمليات الذهنية والفكرية... التي لا تقبل التفكيك والتجزيء.
أما قضية "التعليم عن بعد (أون لاين) الحالية، فإنه عمليا، في زمن الجائحة المستجدة، وكما يظهر في الواقع بكل تجلياته، قد اتخذ قراره على عجل، ففاجأ الجميع: لم تراعى قضايا عدة منها فترة الجائحة المجهولة، ليس لكل أسرة أكثر من جهاز تلفاز وليست كل الأسر لها تلفاز، كما ليست كل الأسر مغطاة بشبكة الكهرباء وبالتالي كل الأسر مغطاة بالشبكة العنكبوتية، ومدى الفوارق بين المدينة والبوادي وفوارق لا حصر لها ... وليس لكل التلاميذ نفس الظروف الاجتماعية في زمن الحجز المنزلي الصحي...؟ وماذا عن الأسر التي لا تتوفر على أكثر من غرفة واحدة... فكيف يمكن حصول التركيز أثناء محاولة بناء التعلمات وتحصيلها من طرف المتعلم.
لهذا أجزم قطعا أن "التعليم عن بعد" غير عادل بين المتعلمين. في نظري، كثير من رجال التعليم والمهتمين يرون أن استمرار البيداغوجيا لا يمكن أن تحدث بنقل المدرسة داخل المنزل. أتوقع من جل المربين أنهم يفكرون في حال استئناف العملية البيداغوجية داخل الفصل، بعد جلاء الجائحة، أنهم سينطلقون من حيث توقفوا قبل إغلاق المدارس. توقعي هذا يهم المدرسة العمومية، أما المدارس الخصوصية، فالأمر مختلف.
الرماني 08/04/2020