فن وإعلام

دجنبر: شهر الترافع عن اللغة العربية وتعزيز الهوية الوطنية

الصديق الصباحي

يأتي شهر دجنبر ومعه مناسبة اليوم العالمي للغة العربية في 18 ديسمبر، ليدعونا إلى مراجعة عميقة لواقعنا اللغوي وطرح أسئلة جوهرية حول موقع لغتنا في حياتنا اليومية، خاصة في التعليم والإدارة. فكيف لنا أن نحتفي بلغتنا في يوم عالمي، بينما نعاني من سياسات تعليمية وإدارية تُهمش لغتي الوطن الرسميتين، العربية والأمازيغية؟

تُدرس معظم المسالك العلمية والهندسية والاقتصادية في التعليم العالي باللغة الفرنسية، وتُبرر هذه الهيمنة بالقول إن سوق الشغل يعتمد الفرنسية. ولكن، أليس هذا الخطأ في حد ذاته ما يجب تصحيحه؟ لا يمكن أن نجعل من وضعية غير طبيعية قاعدة ثابتة، ولا يجوز أن يُفرض على التعليم المدرسي أن يستمر في هذا الخطأ باعتماد لغة أجنبية. المطلوب هو بناء سوق شغل يعتمد على لغتي الوطن، بما يعكس هويتنا ويُعزز سيادتنا.

علينا أن نعيد النظر في منظومتنا اللغوية، وأن نعتمد اللغات الوطنية في جميع مراحل التعليم وفي سوق العمل، بما ينسجم مع دستور المملكة. التجارب الدولية أثبتت أن التعليم بلغات الأم يُحقق نتائج أفضل في الفهم والتحصيل ويُساهم في التنمية المستدامة. دول مثل السنغال ومالي بدأت تتخذ خطوات جريئة نحو التخلص من هيمنة اللغات الأجنبية لصالح لغاتها الوطنية، فلماذا لا نحذو حذوها؟

السؤال الأساسي الذي يفرض نفسه: هل نمتلك الإرادة لتصحيح هذا الوضع؟ إصلاح السياسة اللغوية ليس خيارًا، بل ضرورة ملحة. ولن يتحقق هذا الإصلاح إلا بخطوات جادة وشجاعة، تبدأ باعتماد رؤية وطنية تعيد الاعتبار للغتين الرسميتين، وتضع حدًا للتبعية اللغوية، لنرسم بذلك مستقبلًا يتناغم مع هويتنا وثوابتنا الوطنية.