لاحظنا في السنوات الأخيرة تدني وغياب شبه تام للرغبة في التعلم في أوساط المتعلمين والمتعلمات،خاصة في صفوف الذكور،مما أدى إلى تراجع المستوى المعرفي وانحساره في بعض التعلمات التى لا ترقى بالطالب(ة) لدرجة المتمكن من المعارف والمؤهل علميا وأكاديميا لتبوئ مناصب عليا أو مواصلة الدراسات المتقدمة في مجالات متعددة.
يعزى هذا العزوف بالأساس إلى تراجع دور الأسرة المحوري الذي كان يقوده الأب كرمز للسلطة ومؤثر على مسار الأبناء وكذا سلوكياتهم وأخلاقهم،والذي تم تهميشه عن طريق الإكراهات السوسيواقتصادية وتقزيم دوره ونقل بعض الصلاحيات إن لم نقل جلها للأم باعتبارها شريكة في التسيير والتدبير،وقد تراجع دور الوالد خصوصا مع صدور مدونة الأسرة سنة 2003.
لقد أصبح الطالب(ة) بين مطرقة الهاتف النقال وسنديان وسائل التواصل الإجتماعي التي لا تساهم سوى في تكريس العزلة وهدم أواصر المودة ومنسوب الثقة بين أفراد الأسرة من جهة وبين أفراد المجتمع من جهة ثانية،نظرا لما تنفثه من سموم كانت وراء تشتيت بيوت وتشريد أطفال وتطليق آلاف النسوة.
أدى نمط التربية الهجين الذي فرضته التحولات الإجتماعية والسيكولوجية إلى اعتماد طرق غريبة لم تألفها الأجيال السابقة،ساهمت في خلق أجيال غير قادرة على تحمل المسؤوليات وتقدير التكاليف وقراءة العواقب والتداعيات.
لقد آن الأوان أن يتحمل الجميع مسؤولياته كل من موقعه وبقدر الإمكانيات والوسائل المتاحة بغية ترميم ما يمكن ترميمه،لإنقاذ الأجيال اللاحقة من هذا المد الجارف الذي سيكلفنا لاقدر له موارد نحن في أمس الحاجة إليها.
يجب رد الإعتبار للأب ولمكانته الاقتصادية والروحية،وكذا الأستاذ الذي يعتبر المربي والقدوة الثاني بعد تأهيله طبعا وإعداده لهذه المهمة الجسيمة،كما يجب على الدولة إحياء بعض المؤسسات القديمة التي لعبت في السنوات الأخيرة أدوارا طلائعية في إعداد النشئ وتكوينة تكوينا سليما،ونذكر هنا على سبيل القصر لا الحصر دور الشباب،الكشفية ودور تحفيظ القرآن وإنشاء مكتبات ونوادي رياضية يكون الولوج إليها مجانا أو بثمن رمزي.