حكومات أجنبية على صلة بالرسوم...
مؤخراً صرح السيد شكيب بن موسى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة "بعدم تدخل الوزارة الوصية على القطاع في تقنين رسوم التمدرس بالتعليم الخصوصي..." ، ما أعاد جدل رسوم التعليم الخصوصي إلى الواجهة ، جراء تنامي وتيرة ارتفاع تكلفة تمدرس شريحة واسعة من الأبناء المغاربة وانتظامهم بهذا الجنس من التعليم ، سيما في أعقاب جائحة كورونا.
وغني عن البيان أن التعليم الخصوصي بعدة بلدان عربية وغربية يعرف ؛ كما ينص عليه تنظيمه الداخلي ؛ على تدخل مباشر من طرف الدولة "الوزارة الوصية" على عدة واجهات ؛ التنظيمية منها والديداكتيكية والسياسية ، كتسطير البرامج والمناهج التربوية ، والإشراف التربوي ، وفي آن واحد تحديد السقف الخاص بدفع رسوم التمدرس ، وذلك عبر شراكة بين مؤسسات التعليم الخصوصي وجمعيات آباء وأولياء التلاميذ بتنسيق مع الوزارة المكلفة .
تهميش التعليم العمومي واستغلاله!
في ظل خوصصة بعض القطاعات الاقتصادية بالمغرب ، اتجهت إرادة الدولة ؛ ومنذ أكثر من عشر سنوات ؛ إلى منح"الأسبقية" في التوظيف العمومي وولوج أسواق الشغل إلى الأطر القادمة من التعليم الخصوصي بنسبة تتجاوز %75 ، ما دفع بشريحة واسعة من الأسر المغربية إلى "التخلي" التدريجي عن التعليم العمومي وإدراج أبنائهم بسلك التعليم الخصوصي الذي برأيهم "سيؤمن" مستقبل أبنائهم ويفتح أمامهم فرصا للولوج إلى الشغل ، وهي نتيجة طبيعية ؛ من منظور آخر ؛ لما آل إليه التعليم العمومي من تردي ورداءة ، جراء سلسلة إضرابات مهنية من جهة وتفشي ظاهرة الشواهد المرضية "التمارضية" للعاملين به، والتعثرات الدراسية بسبب وبدونه، وكذا المزاوجة في أنشطتهم بين التعليم الخصوصي والساعات الإضافية من جهة أخرى .
وقد كانت وما زالت مسألة "تأمين المستقبل" ، وإيجاد فرص الشغل ، الهاجس الرئيس للأسر المغربية ، بيد أن القائمين على هذه المؤسسات الخصوصية رأوا فيها ذريعة لإرهاق جيوب الأسر بمزيد من التكاليف والرسوم ؛ سواء الوجيبة الشهرية منها أو التأمينية أو التنقلية "النقل المدرسي" ، هذا عدى تجهيز المحفظة بكتب ولوازم مدرسية جد مكلفة.
الاستثمار في قطاع التعليم الخصوصي
مع انحسار دور التعليم العمومي واتجاه معظم الأسر المغربية إلى التعليم الخصوصي ، ظهرت إلى العلن ؛ وبتزكية من الوزارة الوصية ؛ حركة دؤوبة للبناء وتوظيفه في إيواء مؤسسات التعليم الخصوصي ، وزادت أن ارتفعت حمى هذا الاستثمار ؛ سيما في ضوء التسهيلات الممنوحة من طرف الدولة في "الأداء الضريبي" والذي يتحدد بالمليارات من السنتيمات ، ما زالت معظم هذه المؤسسات تتقاعس عن تسديدها ، إما بتواطؤ مكشوف من جهات معينة ، أو تحت نفوذ أطراف نافذة في السلطة ، أو بعلاقة مباشرة مع مسؤولين مركزيين داخل دواليب الدولة.
حقيقة من الواجب الأخلاقي الكشف عنها
عديدة هي الدراسات والتقارير الميدانية ، والملاحظات الإمبريقية (العلمية) التي أجريت بخصوص التعليم الخصوصي ، تختزل في أن دوره فقط ينحصر في "ترويض" المتعلم وإعداده للفوز في الاختبارات والروائز التعليمية ، والتركيز على "المواد المهمة" كالرياضيات واللغات ، مما يثير تساؤلا مركزيا حول "أهلية التلميذ" في استيعاب هذه المادة أو تلكمع تعلماتها ومهاراتها ، أو بالأحرى الانتقال المشروع للمتعلم من سنة دراسية إلى الموالية لها ، وبالتالي ؛ وكتغذية راجعة Feed back ؛ هل الأطر المنتمية إلى التعليم الخصوصي كلها مؤهلة ؟ وهل حازت على اعتراف من لدن سوق الشغل الدولية ؟ فتلك قضية أخرى .