رأي

الحسين بكار السباعي: من خلق ثورة الملك والشعب قادر على خلق ثورات إصلاح وتنمية حقيقية

حينما تشتد الرياح وتعصف بقوة بمتغيرات احداث الأمم، وحين تقف الشعوب مذهولة، أمام منزلقات وظروف تمس بمقدوراتها وتقودها كوارث واوبئة ومتغيرات، فتترفع عن الانقسام وعن العرقية وعن الطائفية وعن الكراهية، لتعيد نظرتها لمعنى حقيقة الوطن وعمق الاحساس بالانتماء، وتعود إلى سر تفاني الأجداد في الدفاع عن ثوابت الوطن والذود عن حوزته وسيادته. وتعود للتاريخ وإلى كنه أحداثه وجذور تقسيماته، للوقوف على حقيقة واحدة أن العرش في المغرب، هو حديث عن ثلاثة عشر قرنا من التاريخ، الحافل بالبطولات والأمجاد، الناطق بعظمة الأجداد والأحفاد، فمن إدريس الأول إلى محمد السادس ظل العرش على الدوام، رمز السيادة والاستقرار، وعنوان الوحدة الوطنية.

هي رسالة واحدة حملت أمانتها أجيال المغرب عبر التاريخ، بغيرتهم وتسامحهم وكرمهم وشدتهم عند الشدائد، فتعايشوا على رغم صراعات عابرة ومفتعلة ليصلوا إلى كنه حقيقة جسدها مفهوم البيعة وامارة المؤمنين، قاعدة ابدية بنيت عليها أسمى قواعد الولاء والاخلاص للملوك العلويين، بيعة ثوارتها الابناء عن الأجداء.

فأن تكون مواطنا صالحا لا يعني فقط أن تتمتع بكل خيراته وأن تتبوؤا مناصب مهما اختلفت، فالكراسي لا تدوم لأحد. كم من خائن يغمس من عين خيراته ويصول ويجول مستبدا عاتيا ومستبدا بسلطته، ولكن ان تكون مواطنا مغربيا حقيقيا عليك أن تؤمن بأن الشعوب هي التي تصنع المعجزات بإيمانها بقدسية الانتماء وبقناعتها بأن من خلق ثورة الملك والشعب، هو قادر على خلق ثورات اصلاح وتنمية حقيقية وتوزيع عادل للثروات بإرادة ملك وشعب تحدى كل المتغيرات والانزلاقات والأزمات، رغم القرارات العشوائية الفاشلة لمنتخبين وسياسيين تقووا من جيوب المواطنين البسطاء.

العبرة يا سادة، من دروس الأقوام السابقة ودروس التاريخ عبر القرون، تفيذ بأن الشعوب التي أسلمت قيادتها إلى عديمي الحكمة والتبصر وانقادت مع من لم يحسب حساب الخسارات آل بها الامر إلى التردي والسقوط في كل أزمة.. ولا غرابة أن يكون الملك حكيما ذا رؤية مستقبلية لما قد تحرى به الأمور حينما أكد أن الموعد الانتخابي يعطي المواطنين "سلطة القرار في اختيار من يمثلونهم، وأنه عليهم إحسان الاختيار، لأنه لن يكون من حقهم غدا، أن يشتكوا من سوء التدبير، أو من ضعف الخدمات التي تقدم لهم".

أما من اسلموا أمورهم إلى ذوي العقل والحكمة والرأي والحنكة، ممن وزنوا الأمور بميزان المصلحة الإنسانية وحكموا رؤية مستقبلية تضع مصلحة الوطن وقيمه وتوحيد جبهتة داخلية، لتجاوز كل الصعاب وابتعدوا أشباه الساسة الذين انصاعوا وراء تكديس الثروات وجني المصالح والامتيازات الخاصة. هم فقط من كتب لهم العيش والاستمرار، لبناء الحضارات وتأسيس المنجزات الإنسانية التي ستبهر العالم بأسره، وقد انبهر العالم فعلا بالتميز المغربي في كل أمر أخد الملك بزمامه، وزمن كورونا لازال شاهدا على هذا التميز، كما النجاح الكبير للديبلوماسية الرسمية رغم تكالب الأعداء ضدا عل قضية وحدتنا الترابية.

خلاصة الأمر أن إرادة الشعوب وهي تختار مصيرها تحتاج الى بصيرة قائد ملهم تصنعه اقدارها، وصدق الحسن الثاني رحمه الله، حينما قال أن "السياسة هي أشبه بحالة الجو. نتقدم في الجو الصحو وفي الجو الغائم، وكل مرة علينا اقتحام سحاب المستقبل ."

فاللهم وفق ملكنا محمد السادس وانعم عليه بالصحة والعافية، واجعله سببا لكل اصلاح وصلاح، ووفقه إلى الخير ، وارزقه البطانة الصالحة.