قضايا

في ضرورة وقف الشغب والعنف في الملاعب الرياضية ومحيطها ...

يونس التايب

ما وثقته الكاميرات بعد المباراة المتميزة لنهاية كأس العرش لكرة القدم، من أحداث عنف ضد المواطنين واعتداء على الممتلكات، بالإضافة إلى ما يتم في عدد كبير من مباريات البطولة الوطنية، من سب و شتم و اعتداء على الحكام و على اللاعبين، هي سلوكات أصبحت لا تطاق. بل، هي سلوكات تستحق التنديد الشديد، و لا معنى أن نتعاطى معها بغير اعتبارها أفعالا جرمية تستوجب تطبيق القانون بقوة. 

بكل وضوح، حان الوقت لوقفة صارمة ضد الشغب والعنف في الملاعب، الذي تتورط فيه جماهير فرق رياضية، غالبها في مجال كرة القدم، بغض النظر عن أسماء الأندية و المدن ومواقع الأحداث.  

ومما لا نقاش فيه، العنف في الشارع العام، كما العنف في مدرجات الملاعب وخارجها، ليس تعبيرا عن الرأي، ولا يمكن أن يعتبر تصريفا لمواقف معينة كيفما كانت. العنف عنف، كيفما كان مصدره وسياقه و مسبباته والمتورطون فيه. ويجب أن يتم التصدي له وتطبيق القانون بكل صرامة.كما يتعين منح القوات العمومية والمصالح الأمنية مزيدا من الإمكانيات اللوجيستيكية لضبط الحالات في الملاعب و في محيطها، والتدخل بالسرعة والفعالية والنجاعة اللازمة.  

حان الوقت لوقف التحاليل المتسامحة مع الظاهرة، أو تلك الغارقة في تبرير وتفسير "أسباب العنف و الشغب"، كما لو أن المطلوب منا هو أن "نتفهم" ونصمت أمام سلوكات شباب يعرضون حياة الناس للخطر، ويمارسون الترهيب في جوار الملاعب وفي الطرقات المؤدية إليها. 

ولكم أن تتخيلوا أنكم تعيشون في مدينتكم بهدوء، و في نهاية الأسبوع، وأنتم تتجولون في الشارع العام، تجدون أنفسكم في مرمى قصف مفاجئ وكثيف بالحجارة،  ويعترض طريقكم و طريق بناتكم وأبنائكم، شباب هائجون يكسرون السيارت، ويحطمون ممتلكات عامة و خاصة، ويعتدون على رجال الأمن العمومي، بدعوى أنهم ليسوا راضين عن هزيمة فريقهم، أو لأن تلك طريقة احتفالهم بفوز فريقهم !!! 

أملي أن تبادر الجامعة الملكية لكرة القدم، لأنها معنية بما يجري، و معها القطاع الوزاري الوصي على الرياضة، إلى فتح نقاش عمومي موسع، وتنظيم ندوة وطنية جادة في الموضوع، تساهم فيها كل القطاعات العمومية المعنية، والأندية والجمعيات الرياضية، وجمعيات المجتمع المدني المتخصصة، ووسائل الإعلام الجاد، ومشاركة بعض ضحايا حالات عنف الملاعب المسجلة في السابق، من أجل فتح حوار متخصص وعالم (بكسر اللام!)، يستحضر كل أبعاد الظاهرة و يقارن وضعنا مع وضع بطولات دول أخرى، من أجل تشخيص الحالة بشجاعة وواقعية، والخروج باقتراحات عملية متعددة الأبعاد، تكون ملزمة للجميع بقوة القانون.  

و أول المستهدفين من مخرجات النقاش العمومي حول سبل التصدي لعنف و شغب جماهير الفرق الرياضية، يجب أن تكون هي الأندية الرياضية نفسها، التي عليها بمقتضى دفاتر تحملات واضحة مع السلطات الوصية على الرياضة، و مع الجامعات الرياضية المعنية و الجماعات الترابية، ضبط أنصارها و تحمل المسؤولية في تأطيرهم عبر وضع برامج للتنشيط الرياضي و التأطير الاجتماعي لجمهورها، خاصة من فئة الشباب.  

أجزم أنه لاشيء يجب أن يمنع الأندية من أن تنخرط، بشراكة مع فعاليات أخرى، منها جمعيات و وداديات الأحياء و جمعيات التنشيط الرياضي و الاجتماعي والتربوي، في وضع برامج تفاعلية ميدانية مع جماهيرها، و تعبئة أطر متخصصة و بالاعتماد على مناهج عصرية في التأطير و التواصل، لنشر ثقافة الروح الرياضية، و تعزيز الوعي بخطورة العواقب القانونية على كل من تورط في عنف داخل الملاعب أو خارجها، وعلى كل من يعتبر مدرجات الملاعب منبرا لسب اللاعبين و إطلاق عبارات عنصرية أو مخلة بالحياء و الذوق العام. 

حان وقت الفعل الجاد و الصارم المستند إلى القانون، لأن من حقنا أن نرى ملاعبنا الرياضية تسودها أجواء طيبة، و أن نرى الجمهور يدخل إلى الملاعب و يغادرها و هو مطمئن على الأرواح و الممتلكات. و سالات الهضرة.